نقود في حقائب و تيجان مرصعة ولوحات منهوبة.. كنوز تركها زعماء مخلوعون خلفهم
بعضهم يرحل بشكل مفاجئ تاركاً خلفه ثروات ضخمة.. بل إنها أكبر من ثروات، لا نبالغ بوصفها “كنوزاً”. هكذا يغادر بعض القادة الحكم على حين غفلة، تاركين وراءهم كنوزاً عُثر على بعضها وبعضها الآخر ما زال مخبأ حتى اللحظة رغم مرور عقود. آخر من غادر الحكم “بشكل دراماتيكي” الرئيس السوداني عمر البشير الذي أطاحه وزير دفاعه يوم 11 أبريل وشرعت السبت النيابة العامة المُكلّفة من المجلس العسكري بالتحقيق معه في مزاعم بالفساد موجهةً له تهم غسل الأموال وحيازة أموال ضخمة دون مسوغ قانوني. هذا ما دفعنا للنبش في الكنوز التي تركها زعماء مخلوعون خلفهم.
عمر البشير
عُثر في إحدى غرف منزل عمر البشير الذي كان رئيساً لأحد أفقر الدول العربية على حقائب بها أكثر من 351 ألف دولار وستة ملايين يورو (6.75 مليون دولار) وخمسة ملايين جنيه سوداني (نحو 100 ألف دولار)، بعدما نقلت الاستخبارات العسكرية معلومات للنيابة عن وجود مبالغ ضخمة في مقر سكنه.
وأكد وكيل النيابة أنه سيقوم باستجواب البشير الذي يقبع حالياً في سجن كوبر سيء السمعة من حيث انتهاكات حقوق الإنسان، بانتظار محاكمته.
معمّر القذافي
في يناير 2012، عثرت السلطات الليبية على نحو 20 طناً من الذهب ونحو 90 مليون دولار مدفونة تحت الأرض في مدينة زلة الليبية، يُعتقد أنها للزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي الذي قُتل على أيدي الثوّار في أكتوبر 2011 على إثر انتفاضة شعبية.
ويُعتقد بأن مقرّبين من القذافي دفنوا أطناناً من السبائك الذهبية وأخفوا مجوهرات نادرة ومئات الملايين بعملتي اليورو والدولار في الصحراء الغربية في ليبيا، في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام ليبية أنه تم الكشف عن كميات من السبائك الذهبية مدفونة قرب مدينة هون.
وأعلن أحمد محمد قذاف الدم القذافي، المسؤول السياسي لجبهة النضال الوطني الليبي، وابن عم معمر العام الماضي خلال لقاء تلفزيوني أن الثروة التي تركها العقيد تقدّر بـ600 مليار دولار ما بين “أموال نقدية وذهب”، مُتهماً الغرب بالاستيلاء عليها. وأشار إلى تبديد نحو 277 مليار دولار السنوات الماضية.
وفي مطلع أبريل الجاري، كشفت صحيفة التايمز البريطانية أن القذافي أخبأ 30 مليون دولار أمريكي سراً في قبو تابع لرئيس جنوب إفريقيا السابق جاكوب زوما الذي نفى مراراً علاقته بثروات القذافي.
وكُشفت هذه الأموال عند نقلها من قبو في منزل زوما في ناكاندلا إلى مملكة إسواتيني (المعروفة سابقاً بسوازيلاند)، وأشار تقرير التايمز إلى أن القذافي نقلها لرئيس جنوب إفريقيا السابق للحفاظ عليها قبل فترة وجيزة من مقتله.
وتعدّ هذه الأموال جزءاً من ثروة القذافي المفقودة المُهربة إلى الخارج والتي يعرف أسرارها مدير مكتب القذافي ورئيس صندوق استثمار ليبيا في أفريقيا، بشير صالح بشير، الذي يعيش في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا منذ نحو 5 سنوات، والمُلاحق من الحكومة الليبية، في محاولة لمعرفة مصير مليارات القذافي التي كان مسؤولاً عن إدارتها.
وتقول مصادر حكومية في جنوب أفريقيا إن بشير يخبئ جانباً كبيراً من أموال القذافي في جنوب أفريقيا، تقدر بنحو 100 مليار دولار أمريكي. وما يؤكد ذلك، بحسب المحلل السياسي بيتر فابريكس، هو قيام بشير في فترة سابقة، بتخزين نحو مليار دولار من النقد والذهب والأحجار الكريمة في مستودع بمطار “أور تامبو الدولي” الجنوب أفريقي.
زين العابدين بن علي
في فبراير 2011، بعد نحو شهرٍ من هروب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إلى السعودية،كشف البنك المركزي التونسي أن قيمة الأموال التي عثر عليها بقصره في ضاحية قرطاج فاقت 41 مليون دينار (36 مليون دولار أمريكي).
وبثّ التلفزيون العمومي آنذاك مشاهد العثور على ملايين الدولارات واليوروهات والألماس الثمينة في مخابئ سرية بأحد قصوره، وهو ما أثار الشكوك حول حيازة الرئيس المخلوع على أموال ضخمة في بنوك أجنبية.
وعُثر في قبو قصر الرئيس أيضاً على ألف زوج من الأحذية الفاخرة وأكثر من 1500 قطعة مجوهرات تمتلكها زوجته ليلى الطرابلسي، وفقاً لما كشفه تقرير “اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد”.
وعقب اندلاع ثورات الربيع العربي أعلنت الخارجية السويسرية في مارس 2011 تجميد نحو مليار دولار أمريكي (992 مليون دولار) ببنوك سويسرية، مملوكة لزعماء دول الربيع العربي المخلوعون، وقُدّر نصيب بن علي وحاشيته حينذاك بنحو 60 مليون دولار.
علي عبدالله صالح
كشف تقرير للأمم المتحدة عام 2015، أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، الذي تخلى عن السلطة إثر ثورة شعبية، وقُتل في الرابع من ديسمبر 2017 على أيدي الحوثيين في العاصمة صنعاء، جمع ثروة تتراوح بين 32 و60 مليار دولار عن طريق الفساد لا سيما عقود النفط والغاز، وتقول لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، إنه كان يطلب الأموال من الشركات الأجنبية مقابل منحها تصاريح رسمية بالتنقيب عن الغاز والنفط.
وجمع صالح بشكل غير مشروع نحو ملياري دولار سنوياً خلال ثلاثة عقود حكم فيها اليمن، وفقاً لتقرير الأُمم المُتحدة الذي قال إن “لصالح متسع من الوقت للالتفاف على التدابير المتخذة لتجميد أمواله”.
ويشير التقرير إلى أن ثروة صالح الموزعة بين 20 دولة على الأقل، حُولت إلى الخارج بأسماء وهمية أو أسماء آخرين لديهم أصول نيابة عنه وكانت تأخذ شكل عقارات أو أموال نقدية أو أسهم أو ذهب أو سلع ثمينة أخرى.
ونفى صالح قبل موته امتلاكه هذه الأموال قائلاً: “أنا لو أملك 60 ملياراً لقلبت المنطقة رأسا على عقب”.
حسني مبارك
تسلّمت أجهزة الدولة في مصر تقارير حول ثروة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في الداخل، قُدّرت بـ3 مليارات و600 مليون جنيه، وفقاً لما كشفته مصادر قضائية في عام 2017.
ولفتت المصادر إلى أن لجان فحص الثروة واجهت “العديد من العقبات أثناء حصر أموال مبارك في الداخل نتيجة قيامه باتباع نظام اقتصادي مركب في تسجيل ممتلكاته بحيث يصعب على المحاسبين الماليين الوصول إليها”.
أما في الخارج، فيمتلك مبارك وأفراد حكومته نحو المليار ونصف المليار دولار، من بينها نحو 650 مليون دولار لمبارك ونجليه، وهي أصول وعقارات في لندن وقبرص والولايات المُتحدة بجانب 410 ملايين دولار في سويسرا.
فيما تقول وكالة فرانس برس إن الأموال المُجمدة لعائلة مبارك وبعض المقربين في سويسرا تُقدّر بـ 570 مليون فرنك سويسري (562 مليون دولار) منذ العام 2011.
وأثبتت “وثيقة بنما” عن التهرب الضريبي في العالم توّرط عائلة مبارك ومسؤولي عهده في قضايا فساد واختلاس من الميزانية العامة للدولة إذ كشفت وثائق مسربة من شركة “Mossack Fonseca” للخدمات القانونية، التي تتخذ من بنما مقراً لها عمليات الفساد وغسيل الأموال والتهرب من الضرائب للعديد من الشخصيات السياسية من بينها علاء مبارك، نجل الرئيس المخلوع الأكبر، الذي يمتلك شركة “Pan World Investments” وتديرها “Credit Suisse” من British Virgin Islands.
وطلبت شركة “British Virgin Islands” من شركة “Mossack Fonseca” تجميد كافة أصول وحسابات ومعاملات شركة علاء في عام 2011 بعد إطاحة والده، بموجب قرار أصدره الاتحاد الأوروبي، ولكن ما أظهره تحقيق للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، فإن شركة علاء مبارك ما زالت نشطة، وهو ما يمثل خرقاً لقرار التجميد.
قصور صدام حسين
ترك الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين 76 قصراً تمتد على مساحات هائلة وفقاً لرويترز.
وامتلك صدّام الذي سقط بعد أن حكم العراق أكثر من 30 عاماً، بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأُعدم صباح أول أيام عيد الأضحى عام 2006 بعد أن ادانته السُلطات العراقية بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” عشرات اليخوت والسيارات الكلاسيكية.
وكان صدّام يخشى الاغتيال و يفضل عدم قضاء الليل في مكان واحد ليلتين متتاليتين، ما دفعه لامتلاك عشرات القصور تم تحويل البعض منها بعد الغزو الأمريكي للعراق إلى فنادق، بينما استخدم البعض الآخر لاحتياجات الجيش الأمريكي. وتحول أحد هذه القصور إلى أكبر مبنى للسفارة الأمريكية في العالم.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن قصي صدام حسين، النجل الأصغر للرئيس العراقي، إلى جانب أحد أقرب معاونيه، استوليا على نحو مليار دولار من الأموال النقدية من خزائن البنك المركزي العراقي قبل ساعات قليلة من اندلاع الحرب على العراق.
وتطلب نقل الأموال بحسب الصحيفة ثلاث مقطورات لنقلها. وقام أشخاص موثوقون لدى صدام في اليوم ذاته بسحب أمواله في البنوك السويسرية واللبنانية والهولندية ولم يعرف مصيرها بعد.
أدولف هتلر
اعتمد قائد الحزب النازي الألماني أدولف هتلر على النهب كطريقة لبسط نفوذ النازية، وكان مهتماً بنهب اللوحات الفنية إذ نهب الألمان نحو خمسة ملايين عملاً فنياً من أنحاء أوروبا في عهده.
وقيل إن قطاراً يُسمى بـ “قطار الكنز النازي” وهو قطار مفقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بأرياف مدينة فالبرشيخ البولندية، يبلغ طوله 150 متراً، يحمل ذهباً وكنوزاً، لكن لم يتم العثور عليه حتى الآن.
ويزعم المؤرخان أندرياس ريشتر وبيوتر كوبر أنهما عثرا على قطار ألماني مدرع في نفق تحت الأرض بين فروتسلاف ووالبرزيش العام الماضي في 2015 مستخدمين راداراً يخترق الأرض، ويقودان الآن فريقاً يضم نحو 35 شخصاً للحفر في الموقع منذ أغسطس 2016.
وفي مارس 2019، كشفت صحيفة دايلي مايل البريطانية عن مذكرات الضابط النازي الألماني، إيغون أولينهاور، التي تتضمّن معلومات حول مواقع أخفى فيها النازيون، على رأسهم أدولف هتلر، الذهب والتحف الثمينة أثناء هروبهم من بولندا.
وقال الضابط في مذكراته التي احتُفظ بها لعقود من الزمن في المحفل الماسوني بمدينة كفيدلينبورغ الألمانية إن هتلر أمر بإخفاء 260 شاحنة مُحمّلة بالكنوز في 11 مكاناً في الأراضي البولندية لكي لا يتمكن الجيش السوفياتي من الحصول عليها، كاشفاً أن أحد المخابئ المذكورة يحتوي على نحو 28 طناً من الذهب في أحد فروع Reichsbank، البنك المركزي الألماني سابقاً وتحديداً منذ عام 1876 حتى 1945 في منطقة بريسلاو الألمانية (الآن تابعة لبوندا واسمها فروتسواف).
وتُوجد في المخابئ الأخرى، وفقاً لمُذكرات أولينهاور، قطع نقدية ذهبية وميداليات ومجوهرات وغيرها من التحف الأثرية الثمينة التي أعطاها الأثرياء للنازيين للحفاظ عليها، كما تُوجد في أحدها (المخابئ الـ 11) 47 لوحة فنيّة سُرقت من متاحف فرنسية، من بينها أعمال لكُل من ساندرو بوتيتشيلي وبيتر بول روبنس وكارافاجيو وكلود مونيه ورفائيل ورامبرانت. وتزعم المُذكرات وجود مُجسمّات دينية مسروقة من جميع أنحاء العالم، في أحد المخابئ، في محاولة للعثور على “أدلة لنظريات هتلر العُنصرية”.
ويقع أحد المخابئ في قاع بحيرة، فيما يقع آخر في غرفة سرية بين جدران في أحد القصور البولندية، ويقع ثالث في قاع بئر في حديقة بولندية، وفقاً لمُذكرات الضابط النازي الألماني.
شاه إيران محمد رضا بهلوي
قرر آخر شاهٍ إيراني محمد رضا البهلوي الرحيل عام 1979، بعد أن قامت الثورة الإسلامية. وتحوّلت القصور التي عاش بها نحو 35 سنة إلى متاحف تعكس فترة هامة من تاريخ إيران والتي تمرّد الشعب ضدّها بثورة قادها الخميني عام 1979.
يقول أستاذ تاريخ إيران المعاصر منوشهر حسابي إن مذكرات فرح ديبا، الزوجة الثالثة لمحمد رضا بهلوي، التي كتبتها بعنوان “الفتاة اليتيمة” تكشف جوانب من حياة القصور “الأسطورية” التي عاشتها عائلة الشاه.
وأضاف حسابي: “تكتب فرح عن قصري سعد آباد ونياوران أنهما كانا مجهزين لاستقبال مئات الضيوف” وتقول في كتابها “أحيينا مع أصدقائنا سهرات طرب تعيد إلى الذاكرة أساطير ألف ليلة وليلة، كانت حياتنا سعادة ولا شيء غير السعادة”.
ولفت أستاذ التاريخ المُعاصر إلى أن ما كان يتسرب من حياة البذخ التي عاشتها الأسرة تزامناً مع ما كان يعانيه الشعب الإيراني أثار غضب الشعب حتى ثار على حكم الشاه.
وتعد قصور الشاه أو مجمع قصور سعد آباد التي بناها الملكان البهلويان رضا وابنه محمد من أكثر المتاحف استقطاباً للسياح في إيران من بينها قصر الشمس الذي سُمي على اسم شقيقة محمد، وقصر شهرام الذي سُمي على اسم ابن شقيقته، وقصر ليلى الذي سُمي على اسم ابنته.
قصور الشاه قائمة إلى اليوم وتتزيّن بجسور برونزية وسجاد يدوي ضخم وكمية ذهب كبيرة تظهر البذخ الذي كان يعيشه الشاه مع أسرته وبالتحديد زوجته فرح التي اشتُهرت بحبها لاقتناء كل ما هو نادر وثمين.
ويضم أحد القصور، نياوران، 23 ألف كتاب باللغة الفرنسية والفارسية واللاتينية، يحمل تواقيع مؤلفيها الذين أهدوها لفرح، ومنها مؤلفات لكتاب وقفوا ضد الشاه. ويضمّ القصر أيضاً 350 لوحة فنية تمثل تاريخ فن إيران المعاصر. وتركت أسرة الشاه خلفها تيجاناً مُرصعة بالمجوهرات وهي ملك الدولة الآن، تحتفظ بها في بنك طهران الوطني ويمكن للزوار الاطلاع عليها.
وتعدّ فرح من بين إحدى أكثر ملكات العالم أناقة، تزوجها الشاه محمد عام 1959 مرتدية تاج نور العين الذي صممه صانع المجوهرات هاري ونستون في نيويورك. وتعدّ القطعة المركزية في هذا التاج إحدى أكبر الماسات الوردية في العالم من عيار ستين قيراطاً.