الاكثر قراءة

وزير لبناني: لا يمكن ربط عودة النازحين بالإعمار والحل النهائي

شدد نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، في حديث عبر “إذاعة لبنان” ضمن برنامج “أجندة 2030”  على أن “الدولة هي الأرض والشعب والمؤسسات، فالشعب جزء من الدولة وعليه مسؤولية مواطنة، لذلك علينا جميعا أن ننظر إلى الحلول بالنسبة الى كل ما يحصل في البلد وأن لا فئة واحدة مسؤولة عما يحصل فيه، فالإنتاجية موضوع أساسي، ومن الضروري تأمين ما يستحقه الموظفون والنظر إلى حاجاتهم انطلاقا من عددهم والحاجة إليهم، كما يجب إدارة عددهم في القطاع العام على اختلاف ملفاتهم”.

وقال: “هذه مقاربة لا بد منها ضمن مشروع الإصلاح وبخاصة أن هناك فئات من الموظفين تتراوح أوضاعهم بين مجلس خدمة مدنية ومثبتين، وهناك موظفون غير مثبتين وإجراء يتقاضون على الساعة. إن عدد الموظفين في القطاع العام ليس عددا ضخما وكذلك الاثر المتوقع من خلال اقتراح خفض نسبة أجورهم، فأثره غير كبير لناحية تخفيض العجز في الموازنة والهدر، ويجب ألا تشمل الجميع.

لنكن واضحين لجهة أن عدد موظفي القطاع العام ليس العدد الضخم الذي له أثر كبير جدا. هناك أماكن معينة داخل القطاع العام فيها أحجام كبيرة جدا، معروفة ومصاريفها مرتفعة جدا، لذلك تعميم هذا الموضوع على الجميع قد يؤثر سلبا، وبخاصة أن مكامن الخلل محدودة ومحددة وعلينا أن نعالجها وألا نعمم بخطوة واحدة تنسحب على الجميع، إذ قد يتأثر أشخاص بطريقة أكثر من أشخاص آخرين”.

وبالنسبة إلى موقفه من خفض رواتب الوزراء والنواب قال: “الاصلاح يفترض أن يكون بالتوازي وبشكل كامل وليس فقط بالشعارات.

حاولنا كثيرا في السابق أن نصلح بالشعارات لكن لم يؤثر ذلك جذريا على الموازنة”.

ورأى أن “من يبتلع القطاع العام هو من يتحكم به ويفلسه. إن تجربة التسيس في القطاع العام هي تجربة إفلاس، وتجربة تتجه بالبلاد إلى مكان غير سليم، أما تجربة القطاع الخاص فلا يجب أن تعطى بشكل أعمى ضمن شراكة القطاع العام. هناك هيئات ناظمة توضع لادارة القطاعات، وهناك تجارب سابقة في نجاح القطاع الخاص. عندنا القطاع المصرفي وحاكمية مصرف لبنان كمثال جيد، وهناك انطلاقة للهيئة الناظمة لقطاع النفط والغاز أثبتت عملا جيدا وجدارة”.

وقال: “فكرة أن القطاع الخاص يبتلع القطاع العام والتحدث عن حيتان المال لم تعد موجودة لأن الشركات الكبرى الدولية التي تستثمر في البلد، لديها احتراف وانتظام في العمل وقدرة على تدريب المواطنين. قطاع الاتصالات كان مزدهرا بوجود شركات كبرى مثل siemens وerikson، أنشأت مراكز دولية لها في لبنان ودربت آلاف الشباب اللبنانيين ووظيفتهم، لكن للاسف غالبيتهم اليوم خارج لبنان يديرون شركات كبرى. القطاع الخاص ليس قطاعا يبتلع القطاع العام أو يأكله، بالعكس هو يطوره ويستفيد منه ويفيده”.

وردا على سؤال قال: “لا يمكن قياس الحكومة بفترة زمنية بل بالأعمال، وعلى الشعب أن يتحمل لحين أن يذهب إلى صناديق الاقتراع ويقترع بالطريقة الصحيحة”.

وعن منظمة الأمم المتحدة في لبنان ودعمها له قال: “علينا أن نساعد أنفسنا أولا، لان موضوع التنمية المستدامة مسؤولية الدولة وعليها ان تنظم عملها في هذا الاطار وهذا يساعدها لكي تضع خططها الاستراتيجية وتسير على أساسها ولكي تبدأ الحكومة من مكان محدد. أهداف التنمية المستدامة تشكل مسارا ونحن من علينا ان نتعلم كيف نسير على أساسها، أما بالنسبة الى المساعدات التي بالإمكان أن تقدمها منظمة الأمم المتحدة لناحية المساعدات الفنية واللوجستية فهي مساعدات غير مكلفة لكنها تساعد في تطوير العمل بشكل سريع، لكن في النهاية يبقى العمل داخل الوزارات والمؤسسات، إنما المتابعة هي الاساس”.

وعن غياب البيئة التنافسية وجمود الحركة الاقتصادية وأجندة 2030 التي التزمها لبنان قال: “لا شك أن النية هي الاتجاه صوب تحقيق هذه الاهداف لكن لا أعتقد أننا جميعا وصلنا الى مرحلة اقتناع ووعي إلى آلية تحقيق هذه الأهداف.

يتفق الجميع على الحاجة الى تحقيقها من ناحية التطوير والمساواة والبنى التحتية والسلم والأمان والبيئة، فكل هذه أهداف سامية ولا يعترض عليها أحد، لكن عندما نأتي الى التطبيق يختلف الجميع على آلية تطبيقها، فعلى سبيل المثال لا يمكن تحقيق مستوى عال من التنافسية على مستوى العالم إلا إذا حددنا ما يقوم به القطاع العام وما يقوم به القطاع الخاص. قطاعنا اليوم لا يزال محصورا جدا بأعمال محددة بينما الدول التنافسية فتحت المجال أمام القطاع الخاص والاستثمار والمنافسة الحقيقية.

لا زالت قطاعات عامة كثيرة تملكها الدولة وتديرها وهي غير مؤهلة لذلك. هي في حاجة الى المنافسة ولا يمكن للقطاع العام مواكبة كل التطورات بهذه السرعة.

على سبيل المثال قطاع الاتصالات، من المستغرب أن يناقش مجلس الوزراء سعر دقيقة الاتصالات فهذه ظاهرة تخلف لا تطور. على هذا القطاع أن يدار ويشغل بملكية القطاع الخاص، ليستثمر فيه استثمارات كبرى فيحصل فيه تنافس كبير ويوسع حجم الاقتصاد ومعه قدرة الدولة أو مداخيلها من الضرائب والرسوم وغيرها. هذه مواضيع تحصل في مختلف بلدان العالم بحكم المنافسة بين شركات الاتصالات”.

أضاف: “المفاجىء أن الأمم المتحدة كانت تعتمد على لبنان كمثال لباقي الدول في تطبيق أهداف التنمية المستدامة ومتابعتها، لذلك كنت في نيويورك وطلب مني إلقاء الكلمة في افتتاحية مؤتمر المجلس الاقتصادي – الاجتماعي في حضور نائبة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيدة أمينة محمد، وكانت حاضرة معنا في الجلسة عندما ألقيت كلمة رئيسية في الافتتاح عن تجربتنا في إشراك القطاع الخاص والهيئات الاجتماعية والمجتمع المدني في التقرير الطوعي الأول للتنمية المستدامة في لبنان، وفي وضع آلية عمل لمتابعة تطبيق التنمية المستدامة وبخاصة على مستوى المجتمع المحلي والبلديات التي سنطلقها قريبا لمتابعة العمل على هذا المستوى، فكان القرار هناك بأن توزع تجربة لبنان على كل الدول كتابة، من قبل رئيس المجلس الاقتصادي – الاجتماعي كتجربة يحتذى بها وبخاصة أن لبنان يواجه التحديات كافة ويمكن أن يواجهها اي اقتصاد أو مجتمع من ناحية النزوح ومن ناحية الضغط الاجتماعي والوضع الاقتصادي”.

وردا على سؤال عن متى يصبح للبنان قدرة على رصد مؤشرات أهداف التنمية المستدامة في لبنان، أجاب: “قبل وجود أهداف التنمية المستدامة، توجد مشكلة الاحصاء بشكل عام، وهذه المشكلة يعاني منها العالم العربي. من مقررات المؤتمر الذي حصل في بيروت العام الماضي في الاسكوا، أن تتابع الدول العربية تطوير قدراتها في الاحصاء لأنه يشكل أكثر من 60% من الحل عندما تكون الارقام موجودة، لكن بالنسبة للتنمية المستدامة، لا نحتاج بالضرورة الى إحصاءات مكثفة لان غالبية الأهداف لا تتبع الارقام بل تتبع وجود أمور أو عدم وجودها، لذلك من السهل رصدها ومعرفتها. الارقام تساعد في البراهين ولكن الأهداف لا توضع بناء على أرقام بل على تحقيق غايات معينة”.

وبالنسبة إلى اللامركزية الادارية ودورها في رصد الحاجات وتحقيق الإنماء المتوازن في المناطق، شدد على صوابية هذا التوجه وأنه بدأ منذ عامين بترأس لجان مع البلديات لدرس حاجات كل البلديات ووضع البنى التحتية، وقال: “لدينا قاعدة بيانات وحاجات مكثفة وسنتابع هذا العمل، المهم أن ما نقوم به اليوم هو الانطلاق في محاولة لربط البلديات بالمؤسسات التنموية الدولية لكي يتم تمويل هذه المشاريع بشكل عادل وموزع على كل الأراضي اللبنانية. طبعا اللامركزية الادارية تساهم في تعزيز القدرات المحلية للتطوير لكنها تشمل أمورا متعددة وليس فقط لامركزية تنفيذ المشاريع، فهناك أيضا لامركزية الجباية والمداخيل والموازنات وهذا أمر معقد أكثر وعلينا أن نعمل عليه بالقوانين وتطوير الأنظمة لتطبيق الدستور كما نص، وهذا مسار أطول”.

وتحدث عن “اللامركزية في توزيع العمل باتجاه التنمية المستدامة وتوجيه الاستثمارات والمساعدات الدولية إلى المكان السليم، لان من شأن ذلك أن يعزز نوعية الحياة في المناطق والمجتمعات المحلية على المستوى الصغير ولكن بكثافته وعدده يصبح على مستوى الوطن”.

وبالنسبة الى ملف النازحين السوريين، قال: “لا يبدو أن هناك تصورا محددا أو معينا من أي جهة دولية لآلية إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، لذلك لبنان يقترح عدة افكار وآليات لذلك.

اقترحنا أن تكون هناك مناطق آمنة داخل الأراضي السورية تحت رعاية دولية، ينتقل إليها النازحون وتكون فيها بنى تحتية وخدمات أساسية لهم ريثما يتم التوصل الى حل نهائي رسمي في سوريا ليعودوا الى قراهم وبيوتهم ولاعادة اعمارها، لكن الانتظار لكي يعاد إعمار سوريا ويكون هناك حل نهائي في سوريا، فهذا الأمر قد يطول ونجهل متى قد يحصل، لذا يجب ألا نربط عودة النازحين بهذا المسار بل بوجود مناطق قد تكون مؤمنة من المجتمع الدولي يمكن للنازحين ان يعودوا اليها و يطمئنوا أنها آمنة لهم”.

وشدد على أن “المسؤولين اليوم جديون والعمل تجاه المجتمع الدولي والمواطنين جدي، وعلينا إشراك القطاع الخاص في القطاعات العامة الكبرى وأن يستثمر فيها القطاع الخاص لكي يزيل العبء عن الدولة ويزيد الانتاجية الاقتصادية للبلد، بالإضافة الى إصلاحات في الادارة بشكل عام لتكون منتظمة العمل أكثر وأقل كلفة على الخزينة، والنظر في هيكلية بعض المدفوعات التي تذهب الى المتقاعدين”.

وأوضح أن “الاصلاح خطة متكاملة لا يمكن ان يكون في مكان واحد، إضافة الى القطاع المصرفي وكلفة الدين، هي منظومة متكاملة لا يمكن النظر الى جزء منها وأن نغض النظر عن الأجزاء الأخرى. وبالنسبة الى الطبقة الفقيرة، غالبية السكان في لبنان هم طبقة فقيرة، ويجب ألا ننظر الى المجتمع من منظار اقتصادي ريعي، أي أن نعطي أموالا للناس دون أن يقوموا بشيء في المقابل، بل يجب أن ننظر إليه من ناحية اقتصاد إنتاجي، بحيث نخلق فرص عمل للناس، وبنتيجة هذه الفرص بإمكانهم العيش حياة أفضل وأن تكون لهم مداخيل أفضل”.

وأسف لارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب. وقال: “دائما هناك أمل ولبنان هو على مستوى العالم لا على مستوى الجغرافية اللبنانية. جزء من قوة اللبنانيين هو انتشارهم حول العالم ونجاحهم، فلا يقتصر اللبناني على حدود جغرافية واحدة ولكن من المهم أن تكون هناك فرص عمل وقدرة للبناني على أن يعمل في بلاده وأن يكون له الخيار وليس مجبرا على الهجرة، اما الهجرة الاختيارية او السفر الاختياري بهدف الدراسة والعمل وتطوير القدرات والذات فهذه أمور يتمناها الجميع، فحتى الذي يعيش في اميركا يتمنى أن يسافر ويتعلم خارج بلاده ويكتسب خبرات جديدة، لكن المبدأ ان يكون هناك اولا اندفاع في تنمية الذات وان يكون هناك أيضا تطبيق لقدرات اللبناني على الإبداع والخلق، لذلك علينا ان نخلق الجو الملائم لكل لبناني لأن يكون مبدعا ومنتجا في بيئته وضمن الخيار الذي هو يتخذه.

 

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى