ما هي أسرار هذه المنطقة الإيطالية التي تعتبرها “الساحرات” منزلاً لهن؟
قد لا يكون إقليم بيمونتي مشهوراً بالنبيذ أو القصور كغيره من الأقاليم الإيطالية، ولكنه يملك سحراً خاصاً به، مما يجعله مميزاً عن باقي المناطق المحيطة به.
وتعتبر بارولدو التي تقطنها حوالي 230 نسمة، متاهة من الأزقة التي تعود بروادها إلى العصور الوسطى، وخاصة بمساكنها الحجرية المهجورة، والكنائس المزينة بالأقنعة، ولكن ما يزيد هذه المدينة سحراً هي القصص والحكايات المتناقلة حول كونها مقراً لنساء الشامان، اللواتي كان يعتقد بأنهن يملكن قوى لشفاء المرضى.
وتعتبر النساء اللواتي يدعين “ماسشي”، بمثابة “ساحرات طيبات”، لكونهن يملكن قوى تستطيع شفاء المرضى، بالإضافة إلى تحضيرهن الأطعمة الشهية والساحرة، إذ قال رومانو سالفيتي، صاحب مطعم وحانة “تراتوريا سالفيتا”، إن “فن تحضير الأطعمة المنزلية يرتبط بسحر أولئك النساء لشفاء أي نوع من الأمراض الجلدية”.
ويعتبر صاحب المطعم والمقهى الذي رُمم ليصبح نزلاً أيضاً، من متتبعي الساحرات، ولكنه يقوم بذلك لهدف جيد، إذ أشار إلى أن مهمته في الحياة هي “تتبع أثر ساحرات الماسشي المتبقيات وخلق حلقة صلة بينهن “للحفاظ على العادات”.
ويذكر أنه قبل وفاة أكبر ساحرة “ماسشي” في العائلة، يجب عليها نقل موهبتها في علاج الأمراض الجلدية المختلفة إلى حفيدتها أو ابنتها من خلال لمسة صغيرة، ولكن لا يخلو الأمر من التدريب أيضاً.
ولكن، ماذا إذا لم تكن لدى الساحرة أي نساء في العائلة أو شخصاً معها عند موتها؟
وأشار سالفيتي إلى أن على “ساحرة الماسشي” في هذه الحالة أن تنقل سحرها إلى أي جماد أو وحيوان، فإن لم تستطع فعل ذلك فسيموت سحرها معها، على حد تعبيره.
وتتلقى الفتاة أنا روسي، البالغة من العمر 30 عاماً، دروساً في السحر من جدتها، ولكنها وصفت تلك المرحلة التعليمية بالرحلة “المليئة بالتحديات”، مضيفة: ” أحاول تعلم حيل هذه المهنة من جدتي قبل موتها، ولكنها الأمر يتطلب سنوات طويلة”.
وتتطلب التقاليد من الساحرة أن تتلي صلاواتها بينما تقطع الهواء بأصابع يدها ثلاث مرات، ويقوم هذا التدريب بقطع جميع العلاقات مع الشر، الذي يعتقد بأنه العامل الأساسي للأمراض التي لا تملك أي علاج.
وقالت روسي إن العملية “تعمل حقاً” إذ تابعت مشيرة إلى أنها رأت جدتها تشفي المرضى من خلال تلك الخطوات مراراً وتكراراً، إلا أن كبر سن جدتها يجعل المهمة متعبة أكثر لها.
ويعتبر طبق “باجنا كاودا”، من ضمن أطباق السحرة الشهيرة في بارولدو، إذ يتكون الطبق من الثوم وزيت الزيتون وبعض الخضار، والخبز لتغميس ما يتبقى من الحساء في نهاية الأمر.
وتحتفل سيدات المنازل بيوم القديس مارتن بفتح منازلهن للزوار لتناول وجبات العشاء التي تتضمن هذا الطبق الشهي، إذ قال سالفيتي إن الجميع يتجمع حول القدر ويسردن بعض القصص عن السحرة بينما يتم تجهيز طبق “باجنا كاودا” بحسب التقاليد السحرية.