صحيفة فرنسية: أردوغان وصهره وداعش
أشار تقرير تحليلي لنتائج الانتخابات البلدية في تركيا، نشر في صحيفة ميديا بارت الفرنسية قبل أيام، إلى أن حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعرض لهزيمة ساحقة في الانتخابات، لاسيما بعد أن فقد كبرى المدن، بما في ذلك أنقرة واسطنبول.
وتطرق إلى الرفض القاطع الذي أظهره أردوغان، فزعيم الحزب الحاكم لم يعترف بالخسارة، حيث أعلن مراراً أنه سيطعن بالنتائج.
وعلى الرغم من فوز أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري ببلدية اسطنبول، إلا أن الرئيس التركي بحسب التقرير الفرنسي، لا يصدق أي كلمة من ذلك ويحاول خوض معركة قانونية.
إلى ذلك، اعتبر التقرير أن غضب أردوغان بشأن اسطنبول مفهوم، إذ إنها المدينة الأكثر أهمية في البلاد، وهي المدينة التي بدأ فيها حياته السياسية، حيث كان عمدتها.
كما رأى أنه من الصعب على “الإسلاميين” الأتراك الاعتراف بفقدانهم قلعتهم المحمية منذ أكثر من 25 عاماً.
معركة طويلة
أما من جهة المعارضة، فاعتبر التقرير أن خسارة أردوغان علامة إيجابية بالنسبة لها، إذ تؤكد أن حزب العدالة والتنمية بدأ يفقد قوته في البلاد.
وعلى الرغم من تلك الخسارة أو التراجع، أكدت الصحيفة الفرنسية أن المعركة طويلة بالنسبة إلى المعارضة، لاسيما الحزب الجمهوري، والاشتراكي الديمقراطي، والعلماني، وعضو الاشتراكية الدولية، والحزب الاشتراكي الأوروبي الذي يتهم الرئيس بتركيز السلطات جميعها بيده، وبتحدي المؤسسات المنتخبة.
دفن النظام البرلماني
وكان استفتاء 16 أبريل 2017، عدل دستور البلاد، بشكل أدى إلى دفن النظام البرلماني لصالح السيطرة الرئاسية.
وبات أردوغان بالتالي، يمتلك سلطات أكبر ويسيطر بشكل أكبر على مجرى الحياة السياسية في البلاد.
صهر أردوغان.. محسوبيات وإعفاءات
ورأى التقرير الفرنسي أن هذا التعديل الدستوري منح أردوغان الحرية في تنصيب فريقه الحكومي دون أي معارضة. وهكذا، فقد عين صهره بيرات البيرق وزيراً للمالية.
كما اعتبر أن هذا التعيين خلف واقعاً سيئاً على اقتصاد البلاد، حيث شهدت الليرة التركية منذ منذ يوليو 2018 تراجعاً في قيمتها بواقع ثلاثين في المئة.
يذكر أن الرئيس التنفيذي السابق لشركة (Çalık Holding) ، وزوج إسراء، ابنة الرئيس الكبرى، انتخب نائبًا في يونيو 2015، وعُيّن وزيرًا للطاقة والموارد الطبيعية في نوفمبر من نفس السنة، ما اعتبر بحسب المعارضة أفظع مظاهر المحسوبيات.
إلا أن التقرير الفرنسي، أشار إلى أن تلك التداعيات الاقتصادية، ليست آخر ما يلام عليه الرئيس، حيث تطرق موقع (ويكيليكس) إلى جوانب أكثر خطورة على الصعيدين المحلي والدولي، وهي جوانب متصلة بالشركة النفطية (Powertrans).
إعفاء على النفط القادم من مناطق داعش
فقد كشفت وثائق (ويكيليكس) بعد تسريبات من بريد بيرات البيرق (الذي كان وزير ا للطاقة عام 2015) في حينه أن هذه الشركة استفادت من إعفاء عن الحظر المفروض على جميع الشركات النفطية الأخرى، فيما يتعلق باستيراد وتصدير النفط في تركيا، خصوصًا تلك القادمة من مناطق خاضعة لسيطرة داعش.
ولا بد هنا من التذكير بأن النفط بالتحديد كان استراتيجيًا من أجل توسع داعش، إذ كان يحصد منه ما بين 350 إلى 600 مليون دولار سنويًا، أي 25% من دخل التنظيم.
كما يشار إلى أن بيرات البيرق كان وزيرًا للطاقة والموارد الطبيعيةعام 2015 ، حين كان داعش في أوج مجده.
وفي أبريل 2016، حُرر حقل جبشة في منطقة الحسكة، شمال شرقي سوريا، مما مكن من فهم كيفية نقل النفط من سوريا إلى تركيا.
صهر الرئيس ونفط داعش
كما استشد التقرير الفرنسي بوثائق ويكيليكس ليذكر كيف كان ينقل النفط الذي استخرجه داعش في سوريا عبر 8500 شاحنة تابعة لشركة (Powertrans)، التي كانت تتمتع، دون وجود مناقصة، باحتكار النقل النفطي على الأراضي التركية.
ومن أجل إخفاء آثارها، كانت شركة (Powertrans) مملوكة في البداية لشركة (Grand Fortune Ventures)، ومقرها سنغافورة، قبل أن تنتقل إلى جزر كايمان، وذلك بحسب ما كشفت عنه رسائل بريد الوزير الإلكترونية التي اخترقتها مجموعة القراصنة (Redhack).
ووفقًا للقراصنة نفسهم، فإن شركة (Çalık Holding) التابعة لصهر الرئيس كانت وراء هذا المونتاج.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية في 4 ديسمبر 2015م مقالًا للنائب في حزب الشعب الجمهوري إرين إردم، الذي تطرق فيه إلى وجود دليل واضح الذي يربط صهر الرئيس رجب طيب أردوغان بتجارة النفط مع داعش.
إلا أن النائب المذكور تعرض بعد مقاله، بحسب ما أفاد تقرير ميديا بارت إلى هجوم شرس من قبل وسائل الإعلام المقربة من رئيس حزب العدالة والتنمية.
ورغم كل تلك الدلائل على تورط مشبوه بصفقات نفطية مع داعش، لم يفوت أردوغان، بحسب التقرير الفرنسي، أي فرصة ليثبت أنه يقاتل داعش، إلا أن ما كشف عنه القراصنة يثبت العكس، حيث سهل الرئيس التركي على ما يبدو عمل داعش.
حصة النفط لابن أردوغان أيضاً
وبالإضافة إلى صهره، أشارت الصحيفة الفرنسية إلى تورط بلال، ابن أردوغان،الذي كان يدير هو الآخر إحدى أبرز شركات الطاقة في البلاد.
كما أظهر أرشيف “ويكيليكس” أيضًا جانبًا آخر من عمل بيرات البيرق، الذي يتمثل بالسيطرة على الصحافة والتواصل الاجتماعي لصالح حزب العدالة والتنمية.
فبحسب إحدى الرسائل الإلكترونية المسربة، كان بيرات البيرق يمارس ضغوطات من أجل أن تكون ثالث أكبر مجموعة إعلامية تركية شعبيةً (Ipek)، تحت سيطرة الحكومة، أو أن تباع لمجموعة تجارية مقربة منها.
كما لفت التقرير إلى تدهور أوضاع وسائل الإعلام بشكل كبير خلال حالة الطوارئ المعلنة في تركيا إثر محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016.
فقد أُغلقت 150 وسيلة إعلامية، واُعتقل أكثر من 100 صحافي.
وبفعل تلك الاعتقالات، حلت تركيا في المركز 155 عام 2017 (من أصل 180 دولة) في القائمة العالمية لحرية الصحافة.
المصدر