14 ألف حالة.. الطلاق يضرب بيوت الجزائريين بعد أسابيع من الزواج
أظهرت دراسة جديدة زيجات أقل في الجزائر مقابل حالة انفصال أوسع، بينها 14 ألف حالة طلاق إثر ثلاثة أشهر فقط من الحياة الزوجية، ما حثّ مراقبين للدعوة إلى فتح نقاش وطني حول “تمزق اجتماعي” ينذر بالأسوأ.
استنادًا إلى تحقيق أجراه الديوان الجزائري للإحصائيات، وعلم “إرم نيوز” بنتائجه، أفيد أنّ الجزائر شهدت العام 2018 نحو 340 ألف عقد زواج، أي بتراجع قدره 5%، في المقابل جرى تسجيل 70 ألف حالة طلاق ربعها “خلع” وهو ما يعني اتساع حالات الطلاق بـ5.3%.
وشهدت سنة 2017 خلع 13 ألف جزائرية لأزواجهنّ في عام شهد 68 ألف حالة، قبل أن تقفز ظاهرة الخلع سنة 2018 إلى نحو 18 ألف حالة، وخلافًا لسنوات سابقة، لم تقتصر حالات الطلاق على الشباب حديثي السن، بل تفاقمت عند شريحتي الكهول والمسنين.
وأفيد أنّ حالات الطلاق المسجّلة تتوزع بين 48.6 % بإرادة منفردة، و15% برضا الطرفين، و19.8% عن طريق الخلع، و16% حالة تطليق.
مفزع
ما تقدّم، يعدّ بنظر الخبيرة الاجتماعية، عائشة لعروسي، “مفزعًا ويؤشر على كل ما يطبع المنظومة الزوجية في الجزائر على مدار العقدين الأخيرين”.
ولفتت، في تصريحات لـ “إرم نيوز”، أنّ الطلاق والخلع تضاعفا بشكل مثير منذ العام 2007، حتى أنّ هناك من العلاقات الزوجية من لم يتعدّ عمرها الشهر الواحد.
ويشير الباحث، عادل مروش، إلى أنّ “معدّل خمسة آلاف حالة طلاق كل شهر، جد مرتفع ومقلق إلى درجة يستوجب معها دق ناقوس الخطر، والبحث في سببيات هذا الكم الهائل من الحمى الانفصالية بين الأزواج هناك، على نحو تنامت معه ثنائية “زواج الصيف.. طلاق الشتاء”.
ويلتقي المحاميان، رشيد كناي وعبد الحميد غرنوطي، المتابعان للكثير من حالات الطلاق أنّ غالبيتها انبنت على “سوء تفاهمات” أو أسباب (تافهة) و(سطحية)، وتعكس الظاهرة بحسبهما لامسؤولية وتسلّطًا من أحد الزوجين أو كليهما.
جيل السرعة
وترجع الخبيرة الاجتماعية نادية ياكر، هذا الفصام المتسارع للعلاقات الزوجية، إلى بنية شباب الجيل الجديد والسرعة القياسية التي تتم بها إتمام عمليات زوجية رغم المعرفة السطحية لكل طرف بالآخر.
ويحفل الزواج على الطريقة “الجزائرية” بتناقضات وصراعات عديدة بين طرفين عادة ما تنقصهما الكثير من المسؤولية والجدية، إما لصغر سنهما أو سن أحدهما، أو لاعتقادهما بأنّ مشروع الزواج هو مجرد محطة حياتية إجبارية ينبغي المرور بها كما يفعل الجميع.
ويعزو الخبير السوسيولوجي، محمد بوكراس، ظاهرة الطلاق إلى أسباب أخرى متعلقة بما أنتجته الاستقلالية المالية للمرأة المتزوجة في الجزائر، وهو ما شكّل بمنظاره ”عاملاً مشجعًا على الاستقلال الذاتي”.
ويردّ فريق آخر من المحللين الاجتماعيين المسألة برمتها إلى المجتمع المحلي، من حيث دوره في خلق زيجات أطرافها غير متلائمة، خصوصًا في الوسط الريفي، أي لا تزال الفتيات مجردات عن أي حق في القبول واختيار الزوج، تمامًا مثل بعض الشبان الذين يعانون من تسلّط آبائهم، فيضطرون إلى الإقدام على تجارب هم غير مقتنعين بجدواها، لعدم اقتناعهم بالطرف الآخر على خلفية تباينات سيكولوجية واجتماعية، رغم أنّ القضية في النهاية مصيرية ولا تنطوي على زاوية للعبث واللهو.
والأسباب المؤدية للطلاق بحسب أخصائيين اجتماعيين، تتركّز في ستة عوامل: الملل الزوجي، سهولة التغيير وإيجاد البديل، طغيان الحياة المادية، البحث عن الذات، انتشار الأنانية والهشاشة الأخلاقية، ناهيك عن ضعف تركيبة جزائريي الجيل الجديد، في ظلّ انتشار وباء مدمّر اسمه ”الخيانة الزوجية”.
المصدر:إرم