مجلة أمريكية تكشف سبب عدم توجيه ترامب ضربة عسكرية “قاسية” للأسد
قال تقرير لمجلة “نيويوركر” إن وزير الدفاع الأمريكي المستقيل، جيمس ماتيس، رفض تنفيذ أوامر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولم يلتزم بطلباته، منعاً من حدوث تصعيد ضد أمريكا حول العالم.
وقال مسؤول كبير سابق في الأمن القومي “كان الرئيس يفكر بصوت عال. هل نتعامل مع ما يقوله على أنه أمر؟ أو على أنه جزء من محادثات طويلة؟ تعاملنا معه على أنه جزء من محادثة طويلة.. لمنع الكثير من الأشياء السيئة من الحدوث”.
وجاء حديث المسؤول الأمريكي ضمن تقرير شامل أعدته المجلة تناولت فيه شخصية مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جون بولتون، وتأثيره على استراتيجية البيت الأبيض ورؤية ترامب لأهم القضايا العالمية.
وقالت سارة تينسلي، التي عملت كمساعد لبولتون في الثمانيات، “إن أول ما يفكر فيه في الصباح هو حماية الأمريكيين من الأسلحة النووية” وقالت إنه في عام 2003، وصف بولتون جهود نظام الأسد الساعية لإنتاج الأسلحة النووية والبيولوجية على إنها تهديد عاجل للولايات المتحدة، وذلك خلال تحضيره لجلسة استماع له أمام الكونغرس الأمريكي.
النظام والحرب ضد الإرهاب
أصابت وجهة نظر بولتون المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية بارتباك، حيث رأى البعض، في إدارة بوش الابن، أن الاتهامات هذه تهدد تعاون النظام لملاحقة الإرهابيين المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة.
وأدى اعتقاده هذا إلى جدل داخلي كبير، وقال لورنس ويلكيرسون، الكولونيل السابق وكبير موظفين الخارجية الأمريكية، “كنا نحصل على أفضل المعلومات – حول تنظيم القاعدة – إن لم يكن أفضلها على الإطلاق” من النظام في دمشق.
ووصف ويلكيرسون، الجهود التي بذلها لإقناع بولتون بالعدول عن تقييمه وذلك قبل الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس. وقال إن نائب وزير الخارجية، ريتشارد ارميتاج، أخذ بولتون جانباً و”أخبره أن يصمت”، وأن يتجنب الحديث عن نظام الأسد. وبالفعل، خفف بولتون من حدة كلامه بناء على طلب الخارجية.
ولضمان ردة فعل بولتون، تواصل ارميتاج مع ضباط الاستخبارات الذين يقومون بفحص البيانات العامة للخارجية الأمريكية قبل صدورها، وقال لهم بوضوح “لا شيء مما يقوله بولتون يجب أن يغادر هذا المبنى، إلى أن أوافق شخصياً عليه”.
جنّب النظام ضربات قاسية
بعد أسبوع واحد من تسلم جون بولتون مهامه، كمستشار للأمن القومي، قام نظام الأسد باستخدام الكيماوي، وذلك في نيسان 2018.
كان ترامب قد أمر في العام السابق بتوجيه ضربه عسكرية، أُطلق فيها 59 صاروخ توماهوك على قاعدة جوية تابعة للنظام إلا أن بولتون رأى أن الضربة التالية للنظام يجب أن تكون مختلفة عن الأولى، وطلب هذه المرة، من وزارة الدفاع (البنتاغون)، تحضير خيارات عسكرية أوسع لاستهداف النظام.
رد حينها وزير الدفاع ماتيس بمقترح وحيد، ضربة عسكرية باستخدام صواريخ الكروز. أدى ذلك إلى إغضاب بولتون وقال أحد الأشخاص الذي كان على مقربة منه، إن بولتون “رأى ماتيس على إنه يتسبب بإعاقته.. وإن ماتيس نسي، أن الرئيس هو الذي تم انتخابه” وهو من يحق له تحديد نوع الضربة العسكرية وقوتها.
أدخل ماتيس حينها بعض التعديلات على مقترحه الأساسي مما دفع ترامب للموافقة عليه ولكن ذلك لم يُرضِ بولتون الذي كان يعتقد أن على الولايات المتحدة أن تتواجد بشكل عسكري دائم في سوريا.
اجتثاث إيران من سوريا
عندما كان هربرت مكماستر مستشاراً للأمن القومي، حدد نطاق مهمة القوات العسكرية الأمريكية في سوريا، والتي أُرسلت بناء على قرار الرئيس السابق باراك أوباما في 2014.
كانت الأوامر تقضي بقتال تنظيم داعش وتدريب القوات المحلية، مع عدم محاربة القوات العسكرية التابعة لنظام الأسد أو الميليشيات الإيرانية والروسية أو حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى.
وفي كانون الأول، قدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عرضاً لترامب، يتم من خلاله سحب القوات الأمريكية لقاء تأمين القوات التركية أمن المنطقة.
وبناء عليه، أعلن البيت الأبيض سحب القوات الأمريكية، مما أرسل موجة من القلق في الشرق الأوسط، حيث مثلت القوات الأمريكية توازناً في المنطقة وسط تجاذبات دولية وإقليمية متعاكسة. وقال المسؤول السابق تعليقاً على قرار ترامب “اعتقدت أنهم يشربون الشمبانيا في دمشق” احتفالاً بهذا القرار.
كان لبولتون رأي أخر، وقال إن أردوغان وترامب قد أساء فهم بعضهما البعض، واصفاً المحادثات “بالسفينتين اللتين تمران بجانب بعضهما في الليل”.
عمل بولتون على إقناع ترامب بالعدول عن قراره، وتوصل أخيراً لترك قوة عسكرية في سوريا، لم يتم تحديد عددها بعد ولكن مؤشرات مبدئية تقول إنها حوالي 200 جندي.
عقب بولتون بالقول حول قرار تخفيض القوات “أحياناً تفوز، واحياناً تخسر” ومن ثم حاول إقناع ترامب بتقييد الإيرانيين والروس والفصل بين القوات التركية والأكراد. وقال مستشار شؤون الشرق الأوسط “إنها كارثة.. وألوم بلوتون على هذا القرار”.