مخاوف أمنية من اغتيال وليد جنبلاط لهذا السبب
أعربت الدوائر الأمنية اللبنانية، عن مخاوفها من احتمالية تعرض الزعيم الدرزي وليد جنبلاط للاغتيال على خلفية مواقفه الجديدة التي أعلنها ضد الرئيس السوري بشار الأسد والتوتر الراهن بينه وبين تنظيم حزب الله.
ووفقاً لموقع ” mtv” اللبناني، قالت مصادر أمنية لبنانية إن فرضية الاعتداء الجسدي أو الاغتيال لا تستند حتى الآن على معلومات ومعطيات، إلا أن السياق السياسي المتوتر في الداخل اللبناني والضغوط التي يتعرض لها حزب الله بسبب العقوبات والملاحقات الأمريكية، قد يفتحان الباب أمام تفجير الوضع الداخلي من خلال استهداف شخصية مفصلية كبرى يمثلها جنبلاط.
ولفتت المصادر إلى أن الظروف التي رفعت من مستوى الإنذار بشأن عودة الاغتيالات إلى لبنان لاسيما ضد زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، لا تستند فقط على ما عبّر عنه جنبلاط في المقابلة التي أجراها على قناة “روسيا اليوم” مؤخرا، بل على توتّر تصاعد في الأسابيع الأخيرة بين جنبلاط وفريقه السياسي من جهة وحزب الله من جهة ثانية.
وكان جنبلاط قد قال في مقابلة مع القناة الروسية إن الرئيس السوري بشار الأسد، ونقلا عن دبلوماسي روسي التقاه عام 2012، قد أرسل رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عبر روسيا يطمئنه عن عدم عدوانية دولة علوية في سوريا على إسرائيل، وإن نتنياهو اشترط استعادة رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أعدمته دمشق في 18 مايو 1965.
ووصف جنبلاط “الأسد صديق روسيا” بأنه “أكبر كذاب في العالم” في الادعاء بالعداء لإسرائيل.
اقرأ أيضاً : جنبلاط: الأسد أكبر كذاب في العالم و لا أحد يستطيع طرد الاجئين السوريين من لبنان
وذهب الزعيم الدرزي إلى أبعد من ذلك حين أكد أن مزارع شبعا التي يطالب لبنان بانسحاب إسرائيل منها ليست لبنانية، وأنه تم التلاعب بالخرائط لصالح النظام السوري.
واعتبر مراقبون موقف جنبلاط تشكيكا برواية حزب الله الذي يعتبر أن سلاحه ضرورة لتحرير كافة الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها إسرائيل.
وعقب الحملة التي شنت على جنبلاط ما كشفه حول مزارع شبعا، قال جنبلاط، السبت الماضي، إن موقفه هذا يعود إلى عام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
وأضاف “بعد التحرير عام 2000 كان لي نفس الموقف عندما طالبت بإعادة التموضع للجيش السوري .آنذاك جرى التخوين واليوم أيضا”. ولفت جنبلاط إلى أنه “قد تكون هناك أراض يملكها لبنانيون في مزارع شبعا وكفرشوبا وغيرها، لكن الملكية شيء والسيادة شيء آخر”.
وقال جنبلاط “آنذاك أجمعنا على اتخاذ كل الإجراءات لتثبيت لبنانيتها (مزارع شبعا) من خلال التحديد وفق الإجراءات والأصول المعتمدة والمقبولة لدى الأمم المتحدة، الأمر الذي لم يجر، كما أن الحكومة السورية رفضت إعطاء لبنان الأوراق الثبوتية حول لبنانية المزارع. فكان أن بقيت السيادة مبهمة حتى هذه اللحظة لكن ربحنا سفارة سورية في لبنان”.
ورأى بعض المراقبين أن موقف جنبلاط من مزارع شبعا ينقل الزعيم الدرزي من اللعبة الداخلية إلى تأمل خرائط جديدة للمنطقة مع ما يتطلبه ذلك من إسقاط لفرضيات جغرافية لطالما التصقت بخطاب أيديولوجي شعبوي عملت على ترويجه دمشق وطهران في السنوات التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
وذكرت أوساط مقربة من جنبلاط أن الرجل يراقب حملة مدروسة للنيل من زعامته على رأس الطائفة الدرزية في لبنان وما يمثله لدى الدروز في سوريا وفلسطين.
وقالت إن جنبلاط كان اعترض على قانون الانتخابات الذي اعتبره مراقبون مُفصّلا لإضعاف المساحة البرلمانية الجنبلاطية داخل مجلس النواب، وإن نجاح جنبلاط في الاحتفاظ بحصة وازنة رغم هذا القانون، دفع مستهدفيه إلى الضغط لخفض حصته الوزارية.
ويرى مقرّبون من جنبلاط أن حلفاء دمشق وحزب الله بالتحالف مع تيار رئيس الجمهورية ميشال عون، عملوا على فرض ممثل لخصم جنبلاط، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، داخل الحكومة، كما يسعون لتقليص حصة البيئة الجنبلاطية داخل مؤسسات الإدارة اللبنانية.
وأضاف هؤلاء أن تطورات جديدة تعبر عن خطة لمحاصرة الجنبلاطية في لبنان ظهرت من خلال قرار صدر مؤخرا عن مجلس شورى الدولة.
وأتى هذا التوتر على خلفية مواقف أطلقها جنبلاط ضد سلاح حزب الله بشكل غير مباشر، مطالبا بأن “تكون وحدة الإمرة الأمنية والدفاعية في مواجهة الأعداء للجيش اللبناني فقط”.
وكان جنبلاط قد أعلن قبل أسابيع أنه تلقى عتبا من حزب الله يلومه فيه على مواقفه ضد إيران في ما اعتبر خطا أحمر لن يتهاون الحزب مع من تسوّل له نفسه اختراقه.
ودعا مراقبون إلى عدم التقليل من جدية المخاطر التي يتعرض لها جنبلاط، وأن تصاعد مواقف الرجل ضد دمشق مباشرة وضد حزب الله بشكل موارب، قد تكون مستندة على ما يملكه من معطيات عما يحاك ضده من قبل فريق الممانعة المحلي والإقليمي.
ورأى مراقبون أن تصريحات جنبلاط من خلال منبر إعلامي روسي قد تكون لها دلالات، خصوصا أن سياسة الزعيم الروسي فلاديمير بوتين تستند على الدفاع عن النظام السوري والتمسك حتى الآن برئيسه بشار الأسد.
وأضاف هؤلاء أن تصعيد جنبلاط مواقفه ضد الأسد قد يكون مستوحى من معلومات لدى جنبلاط عن مزاج روسي جديد حيال الأسد داخل سياق التنافس الروسي مع إيران على تقاسم النفوذ داخل سوريا. ويرى بعض المراقبين أن توتر موقف جنبلاط مع دمشق وإيران وحزب الله قد يكون مستندا على رعاية روسية خصوصا بعد اللقاء الذي جمعه مؤخرا مع السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين.
غير أن زاسبيكين ردّ، السبت الماضي، على كلام جنبلاط بشأن إشارته إلى رسالة الأسد لنتنياهو نقلا عن دبلوماسي روسي، فأكد أن “روسيا منذ بداية الأزمة السورية تعتبر الأسد زعيم الشعب السوري بكل فئاته”، مشيرا إلى أن “هذا الموقف معلن في الإعلام وفي الاتصالات الجانبية لروسيا مع الدول الأخرى”، نافيا علمه بأي معلومات وصلت إلى جنبلاط من أي دبلوماسي روسي.
ومعروف أن الجنبلاطية السياسية في لبنان كانت تحظى بعلاقات مميزة مع موسكو في عهد الاتحاد السوفييتي، غير أن هذه العلاقات تراجعت، خصوصا مع انطلاق الثورة السورية ضد نظام دمشق، غير أن زيارات وفود الحزب التقدمي الاشتراكي تكررت في السنوات الأخيرة فيما بقيت سبل التواصل على قاعدة الخلاف حول الموضوع السوري مفتوحة بين موسكو والمختارة.