الاكثر قراءة

شركة روسية خططت لقمع الاحتجاجات الشعبية في السودان

أكدت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، الخميس، أنها حصلت على وثائق تثبت تورط شركة روسية مرتبطة برجل أعمال مقرب من الكرملين، في رسم مخطط قمع الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في السودان نهاية العام الماضي وأدت إلى سقوط نظام الرئيس عمر البشير 11 أبريل الجاري.

وأوضحت الشبكة الأمريكية أنه حين اندلعت الاحتجاجات الشعبية في السودان 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حاول البشير كأي حاكم مستبد قمع المتظاهرين السلميين، وهذا ما أسقط عدداً من المدنيين، فضلاً عن لجوئه لأسلحة “خادعة” كادعاء كذب الأنباء المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وإلقاء اللوم على إسرائيل لإثارة الاضطرابات وغيرها.

“طباخ بوتين”

ولفتت سي إن إن إلى أن الحكومة السودانية لم تكن من ألّف هذا السيناريو القمعي، بل كان من وضع الشركة الروسية ” M-Invest” ومقرها الرئيسي سانت بطرسبرغ، ولها فرع في السودان مدرج تحت قطاع التعدين، وأكدت أن الشركة على صلة برجل الأعمال الروسي يوفجيني بريغوزين الملقب بـ “طباخ بوتين”، لكثرة عقود تأمين الطعام المبرمة بينه وبين الكرملين.

تستند “سي إن إن” في تقريرها إلى وثائق عدة هي عبارة عن رسائل واتصالات داخلية للشركة الروسية، حصلت عليها من آلاف الرسائل التي وصلت إلى مركز، مقره لندن، يديره رجل الأعمال الروسي المعارض المنفي ميخائيل خودوركوفسكي.

وتشدد الشبكة على أنها “تحققت من صحة الرسائل”، كما أكدت لها مصادر حكومية وعسكرية سودانية أن حكومة البشير تلقت المخطط من الشركة وشرعت في تطبيقه قبل أن يسقط البشير في 11 أبريل/نيسان الجاري.

وقال مسؤول ينتمي إلى نظام البشير للشبكة إن مستشارين روساً وصلوا السودان وراقبوا الاحتجاجات من بدايتها ووضعوا خطة لمواجهتها بـ “الخسائر البسيطة ولكن المقبولة في الأرواح”، على حد قوله.

المؤامرة

بحسب تقرير “سي إن إن”، وضعت الشركة الروسية إستراتيجيةً لتشويه صورة الاحتجاجات لينفر منها الأهالي من خلال تصوير المحتجين “أعداء للإسلام وتقاليده والقيم المجتمعية” عبر بث شائعات عن مهاجمة المتظاهرين مساجد ومستشفيات وزرع أعلام مجتمع الميم (علم المثلية الجنسية) وسط التظاهرات والترويج، عبر مواقع التواصل إلى أن إسرائيل تقف خلف الاحتجاجات.

وأوصت الشركة الروسية بتلفيق أدلة على “إحراق متظاهرين للمساجد والمستشفيات ودور الحضانة، وسرقة الحبوب من المتجر العام”، بالإضافة إلى “تغطية إعلامية موسعة لاستجوابات لمعتقلين يعترفون بسعيهم لإشعال حرب أهلية في السودان”. كذلك اقترحت “تنفيذ عمليات إعدام علنية للسارقين لترهيب المواطنين”، و أن “تمثل الحكومة حواراً مع المعارضة تظهر فيه انفتاحها على مطالبهم” لتتخلى الأخيرة عن قادة الاحتجاجات وتتركهم في عزلة، ولكسب بعض الوقت. يحدث ذلك كله بالتزامن مع قيام الحكومة السودانية بمحاولات لتحسين صورتها أمام الجمهور مثل “توزيع الخبز والدقيق والحبوب والمواد الغذائية المجانية على المواطنين”.

ومن الرسائل التي حصلت عليها “سي إن إن”، رسالة موجهة إلى البشير، بتاريخ 17 مارس/آذار الماضي، اشتكى فيها بريغوزين من “تقاعس” الحكومة السودانية في تنفيذ مخطط الشركة أدى إلى “اشتداد الأزمة”، معتبراً أن “عدم وجود خطوات فعالة من جانب الحكومة للتغلب على الأزمة قد يؤدي إلى عواقب سياسية وخيمة”.

ما علاقة الكرملين؟

وأشارت “سي إن إن” إلى أنه بالرغم من أن الوثائق لا تكشف تدخلاً مباشراً لوكالات روسية رسمية، فإنها فضحت مخططاً لحماية مصالح الكرملين في السودان بإبقاء البشير في السلطة. وكانت روسيا استقبلت البشير بضع مرات.

وأوضحت سي إن إن أن السودان، الغنية بالموارد الطبيعية والتي تمتلك حدوداً مع سبع دول، يمثل ساحلها على البحر الأحمر “أهمية خاصة” لموسكو، بسبب التحركات الأخيرة للولايات المتحدة والصين لإقامة حضور عسكري في المنطقة.

ولفتت إلى تطلع موسكو إلى تطوير قاعدة بحرية في ولاية بورتسودان (شمال شرقي السودان).

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أكدت صحيفة التايمز أن مرتزقة ناطقين باللغة الروسية شوهدوا في العاصمة السودانية الخرطوم، معتبرةً ذلك مؤشراً على تورط الكرملين في دعم نظام البشير.

لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت، قالت في مؤتمر صحافي حينذاك: “نحن على علم بأن بعض موظفي شركات الأمن الخاصة الروسية، الذين لا علاقة لهم بالحكومة الروسية، يعملون في السودان. لكن وظائفهم مقتصرة على تدريب الأفراد”.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى