منوعات

الحب بعد الأربعين: عندما تلتقي الزوجة مع العشيقة

نعيش نحن الاثنان حياتنا كالمعتاد، لأن إنتاجيتنا أفضل بكثير بالرغم من الساعات الطويلة التي نقضيها معا يوميّاً على الواتس أب وفي مقاهي المدينة. اكتشفنا معاً مناطق مررنا أمامها لعقود عدّة دون أي فضول لنراها، اليوم أصبحت هي ملجأنا اليومي لسرقة فنجان شاي معاً، لنمشي يداً بيد مثل العشاق، في هذه المناطق لا نعرف أحداً،

اقترحت عليها أن تضع على رأسها حجاباً كي لا تلفت الأنظار، تفاجأت بقبولها أن تمشي محجّبة الرأس، بعد ذلك صار الخروج من دون حجاب يبدو لنا غباءً غير مسؤول، الحجاب أعطانا حرية كبيرة لم تكن لتخطر على بالنا.

ضعنا في الزنقات الصغيرة الرطبة، وصلنا أمام بائع متجوّل، فما كان منها إلا أن ابتسمت له ابتسامة أخافته وقالت له: سمعنا أنك تصنع أفضل كعك في المدينة، هل تعطيني كعكة واحدة؟

تلعثم الرجل الأربعيني، فهو ليس معتاد أن يكلّم نساءً في الشارع حتى، ناهيك عن فاتنة صوتها عالٍ، مبتسمة وواثقة من نفسها، تكلّمه كأنه صديقها منذ سنوات. أعطانا أربع كعكات ورفض أن يأخذ أي مقابل، حالفاً يميناً علينا أن نقبل الكعك هدية، هذه هي مدينتنا وهؤلاء أهلنا الطيبون. الكعك كان من أطيب ما تذوّقنا، ما جعل مشوارنا هذا ذكرى لا تُنسى، كيف ننسى البائع المتجوّل هذا؟ يداً بيد، مشينا، سرقت قبلات منها كلّما وجدتنا أمام مدخل منزل معتم.

لأسباب عدّة، أوّلها صعوبة الخلوة، أُحبطنا نحن الاثنين، وكان هذا بديهي في حوارنا، كنا غير قادرين على التركيز على العمل، رغبتها مثل رغبتي وأكثر، مما جعلنا نتهاوش على كلّ صغيرة وكبيرة، إلى أن قالت لي “أنت جبان” عندما لم ألبِّ طلبها بالنزول لرؤيتها أمام مكتبي. قرّرت ألا أجيبها وبلّكتها (حظرتها) على الواتس أب من شدّة غضبي، توترت شيئاً وارتحت شيئاً، لم أعد أعرف إلى متى وإلى أين نذهب.

اشتقت لحوارنا الدائم ليلاً نهاراً، كانت هي دميتي الجميلة التي تسلّيني وتسامرني وتحرّكني حتى. عشنا لوحدنا منذ سنين، علينا أن نعتاد العيش منفصلين. أزلت عنها البلوك في اليوم التالي، لكنها لم تراسلني، ولم أراسلها. كنا متعبين من الحبّ وسيرة الحب، رجعت لحياتي الطبيعيّة، لكنني كنت أشعر أنني رجل أفضل، الحب قادر على تجديد الشباب والهمّة، أربعة أيام طويلة من دون أي تواصل بدت لي كأنها دهر.

اصطحبت زوجتي لمشاهدة مسرحية في وسط المدينة تدور قصّتها في أيام الاحتلال، حازت على مراجعات إيجابية عدّة، بعد القسم الأول، خرجنا للردهة لربع ساعة كالمعتاد، فرأيتها أمامي مع زوجها، يداً بيد، بدت عليّ ملامح الارتباك، وكأنني رأيت شبحاً، أعتقد أن حبيبات العرق ظهرت على شفتي العليا، ما كان لجنا إلا أن اقتربت منا وعرّفت بنفسها قائلة إننا نعمل في البناء نفسه ونرى بعضنا في كافتيريا البناء، عرّفتني على زوجها، نظر إلي مؤكّداً في عيني، لم أفهم شيئاً، عرّفتها على زوجتي أنا أيضاً، تبادلتا كلاماً لم أسمع منه شيئاً، كنت مرتبكاً خائفاً من الفضيحة.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى