صور من العالم

نساء سوريات يروين قصصهن في مهرجان الإسماعيلية

بدأ مهرجان الإسماعيلية أول عروضه بالفيلم التسجيلي الطويل”نحنا منا أميرات”، وخلال مسابقة الفيلم التسجيلي القصير عُرض فيلم “ظل”، بين الفيلمين خيط رفيع لا يمكن تجاهله، فكل منهما يقدم قصة مجموعة من النسوة يروين من وجهة نظرهن التحولات التي حدثت في حياتهن بعيدًا عن سوريا.

نحن منا أميرات والمآسي الإغريقية تصلح لكل زمان

يفتتح الفيلم بسيدة تجلس في منزلها على الأرض مع زوجها، ترغب في التدخين فيحاول منعها، ثم تسخر منه لأنه يوافق على تدخينها في المعتاد ولكن يرفض ذلك أمام الكاميرات، مثلما يمنعها من وضع صورتها على صفحة الفيسبوك الخاصة بها على الرغم من موافقته على تمثيلها على المسرح.

تلك هي المرة الأولى التي نسمع فيها كلمة مسرح في الفيلم، وهو النقطة التي تتمحور حولها الأحداث التالية، فلدعم اللاجئات السوريات بلبنان تقيم منظمة أوبن آرت ورشة للمسرح، ويوثق الفيلم مراحل التحضير لمسرحية “أنتيجون” من تمرينات تمثيل وقراءة للنص وإعادة كتابته بما يناسب الممثلات الهاويات.

وعبر مراحل هذه التحضيرات يتم تضفير مأساة أنتيجون مع قصص النسوة المشاركات، فكما عانت البطلة بسبب تمزقها بين أخويها المتحاربين، عانت هؤلاء السيدات من حرب بين جانبين كلاهما من ذات الجنسية ضاع فيها الأب والزوج والولد، وكما اضطرت أنتيجون إلى دفن أخيها على الرغم من إرادة الملك، حكت إحدى الفتيات قصة أخيها الذي لم تدخن السجائر إلا حزنًا عليه عندما فقدته.

يبدأ الفيلم بسيدات يبتسمن ويضحكن وهن يروين أدوارهن في المسرحية، أو كيف اجتذبهن المسرح لأول مرة، والتغييرات التي أحدثها فيهن أو حكاياتهن اليومية خلال الجلوس على الدرج أو في المقاهي، ولكن خلف هذه الابتسامات مآسي تذيب القلوب، فالفتاة التي تغني الراب وتضع المساحيق الرخيصة تحكي عن أناقتها وهي ذاهبة لزيارة جدها وارتدائها حذائها ذو الكعب العالي والذي لو كانت تعلم أنه سيلازمها خلال فترة هربها ولجوئها إلى لبنان لما فكرت في ارتدائه وتحمل ألمه في ساعات الوقوف الطويلة على الحدود، وعلى الرغم من الذكريات المؤلمة التي يحملها لها إلا إنها تحلم بأن ترتديه مرة أخرى عند رجوعها للشام.

والسيدة فدوى العجوز التي تحكي وهي مبتسمة عن ذهابها إلى السينما لمشاهدة فيلم ثلاثي الأبعاد لأول مرة مع ابنتها، وعلى ذكريات السبعينات عندما ارتدت الملابس التي تحلم بها وإنها عبت من الحياة عبًا وعندما يأتي الموت لن تندم على مالم تعشه، في قسم آخر تدون قصة فقدانها ابنها الذي قتل وهو خارج من أحد المساجد ولم تستطع دفنه كما فعلت أنتيجون مع أخيها، بل أقصى ما استطاعت فعله رؤيتها جثته على شاشة اللاب توب الذي احتضنه بدلًا من صغيرها.

تختلط مشاعر المشاهد ما بين الحزن على ما مرت به هؤلاء السيدات والفتيات، والفخر بأنهن استطعن تجاوز هذه المحن أو حتى محاولة تجازوها بمنتهى القوة، كما اختلط في الفيلم استخدام الرسوم المتحركة مع المشاهد المصورة لتقديم قصص السيدات اللواتي لم يوافق أهلهن على ظهورهن، أو لتقديم واحد من أكثر المشاهد حزنًا حول الأم الشابة التي فقدت وليدها المصاب بسرطان الدم تحت الحصار.

“ظل” ونساء تذوقن الحرية للمرة الأولى

اعتمد فيلم ظل التسجيلي القصير على الصور الفوتوغرافية والفويس أوفر الخاص بصاحبته، والتي لم نرى شكلها بصورة مباشرة طوال الأحداث، فقد تم السرد عبر عرض مجموعة واسعة من الصور الفوتوغرافية.

يتناول الفيلم ارتفاع نسبة حالات الطلاق بين اللاجئين السوريين في أوربا، والتغيرات التي تحدث للسيدات على الأخص بعد السفر واختلاف شكل ونمط الحياة.

قدم الفيلم قصص عابرة للسيدات اللواتي يطلبن الطلاق و الانفصال عن أزواجهن بعد السفر، خاصة زوجة شابة فضلت أن تعود إلى سوريا وتترك زوجها على أن تعيش معه في رغمًا عنها في الخارج بسبب ضغط أهلها.

رصد مختلف للاجئين السوريين في السينما

نقطة الالتقاء الحقيقية بين فيلمي نحن منا أميرات وظل هي طعم الحرية التي تذوقنه هؤلاء النسوة وعبرن عنه في العملين، سيدات الفيلم الأول قلن بصراحة أنهن تغيرن تمامًا، فبعد أن كان المنزل هو مكانهن الوحيد، أصبحن الآن يعملن، ويكسبن عيشهن بأنفسهن.

وعلى الرغم من أن الفيلم الثاني عبر بصورة قد تبدو قاسية عن هذه التغيرات، إلا أن الفيلم الأول قال على لسان أحد بطلاته أن العلاقة بينها وبين زوجها اختلفت بعد لجوئهم للبنان، فالآن هي أقوى ولا تبقى مع زوجها بسبب الحاجة ولكن بسبب المحبة.

يختلف الفيلمان عن الكثير من الأعمال السينمائية الأخرى سواء الروائية أو التسجيلية التي تركز على ما يحدث في سوريا، أو قضايا اللاجئين بالخارج، فهنا العملين أكثر حميمية بما يتوافق مع طبيعة الزوايا النسوية التي تم تناول بها الموضوع الرئيسي.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى