هل يفاجئ “الربيع التركي” أردوغان ويوقف مخططاته للعرب؟
يبدو أن حالة عدم الرضا في أوساط الشعب التركي، على السياسة التي يتبعها الرئيس رجب طيب أردوغان، قد بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة؛ مما ينذر بعواقب وخيمة على المشهد التركي العام، وعلى مستقبل أردوغان بشكل خاص. ولا يستبعد متابعون أن تنتقل عدوى الربيع العربي، إلى دولة تركيا، دون سابق إنذار، للإطاحة بالرئيس أردوغان، الذي نجح في الفترة الأخيرة في الاستحواذ على السلطات مجتمعة، في بلاده، واعتقال كل من يرفض وجوده في السلطة، والتحالف مع دولتي إيران وقطر الداعمتين للإرهاب؛ فضلًا عن فشل سياسته في التعامل مع الملف السوري، وإثارة الخلافات مع جيرانه؛ وهو ما أثّر على سمعة تركيا وتاريخها القديم كدولة محبة للسلام والعدل والحق، إلى جانب تشويه علاقاتها الطيبة مع الدول العربية.
انتقادات وفشل
وتتفق أصوات المعارضة في تركيا، على أن الرئيس أردوغان بات مستفزًّا إلى أقصى لغالبية دول المنطقة والعالم، وبخاصة دول الخليج -ماعدا قطر- التي يتدخل في شؤونها الداخلية وينتقد سياساتها من حين لآخر، إلى جانب مصر؛ لمجرد أنها أطاحت بحكم الإخوان المسلمين فيها؛ باعتبارها جماعة إرهابية، إلى جانب أمريكا التي ترى أن تركيا تلبس ثوبًا أكبر من مقاسها في المنطقة؛ فضلًا عن الاتحاد الأورربي الرافض انضمام تركيا إليه بسبب ديكتاتورية أردوغان واستحواذه على السلطات في بلاده، ورفضه لمبدأ الديمقراطية، وهي صفات تتمسك بها دول الاتحاد الأوروبي.
غليان الشارع
الغليان في الشارع التركي بلغ حدًّا كبيرًا في الأسبوع الماضي، بعدما تراجعت الليرة التركية، وتراجع نمو الاقتصاد، ودخلت بعض القطاعات الاقتصادية في نفق مظلم، لا تتضح فيه الرؤية؛ وبخاصة قطاع العقارات، الذي يعتبر الترمومتر الرئيسي للاقتصاد التركي؛ حيث شهد تراجعًا في نموه، وتوقف العمل في العديد من مشروعاته الجديدة، عطفًا على خروج المستثمرين السعوديين خاصة والخليجيين عامة منه، والتوجه باستثماراتهم إلى خارج البلاد؛ تحسبًا لانهيار الاقتصاد التركي؛ وهو ما أثر على القدرة المالية لغالبية المواطنين الأتراك.
أزمة اقتصادية
وكشفت صحيفة “الزمان” التركية، عن أدلة وتقارير تشير إلى تغلغل الأزمة الاقتصادية داخل تركيا، وأوردت الصحيفة قصة مواطن تركي ألقت قوات الأمن القبض عليه في العاصمة أنقرة؛ لأنه حاول إشعال النيران في نفسه من خلال سكب بنزين على جسده، في محاولة منه للهرب من الأعباء المالية والاقتصادية التي باتت تؤرق نومه. وقالت الصحيفة: إن المواطن أحضر عبوة من البنزين، وقال إنه سيقوم بإشعال النيران في نفسه بسبب عدم قدرته على سداد الفواتير والأعباء المالية.
احتجاجات تعمّ
وأضافت: “على الفور أبلغ المارة في الميدان قوات الأمن التي تدخلت على الفور ومعها فِرَق الإسعاف والإطفاء، بعد أن قام الشخص بخلع ملابسه وسكب البنزين على جسده، وسط ترقب من فِرَق الإطفاء للتدخل على الفور”. وقال المواطن -ويدعى “رسول”- لقوات الأمن: إن الأسعار ارتفعت للغاية، وإنه لا يستطيع سداد فواتيره.. ونجحت قوات الأمن في إقناعه وأخذ عبوة البنزين من يده، وألقت القبض عليه.
تراجع الإنتاج الصناعي
وكشفت الصحيفة نفسها، عن تقرير يشير إلى تراجع الإنتاج الصناعي التركي بنسبة 5.1% خلال شهر فبراير الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي؛ وذلك بحسب مؤشر الإنتاج الصناعي الذي نشرته هيئة الإحصاء التركية، التي أوضحت في بيانها أن الإنتاج الصناعي في تركيا خلال شهر يناير سجل زيادة بنسبة 1%، إلى أنه سجل تراجعًا على المستوى السنوي بنسبة 7.3%. أما في شهر ديسمبر 2018 فقد تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 9.8% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.
مصانع تغلق
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة هوندا عملاق صناعة السيارات اليابانية، أنها تفكر في إغلاق مصنعها في تركيا؛ موضحة أنها ستوقف إنتاجها في تركيا بحلول عام 2021، وهذا يعني تسريح نحو 1100 عامل. وتَرَافق مع تراجع الإنتاج الصناعي، انتشار البطالة بين الشباب التركي بمعدل غير مسبوق على وقع أزمة الاقتصاد.
في الوقت نفسه، كشفت مؤشرات مبيعات التجزئة المعلنة من قِبَل هيئة الإحصاء التركية، أن حجم مبيعات قطاع التجزئة تراجع بنسبة 4.9% خلال شهر فبراير الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وأوضحت البيانات والمعطيات المعلنة في بيان هيئة الإحصاء التركية أن مبيعات المنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ تراجعت بنحو 1%؛ بينما تراجعت المبيعات الخارجية للمواد الغذائية (باستثناء تجارة السيارات والوقود) بنسبة 8.2%؛ أما مبيعات وقود السيارات فتراجعت بنسبة 1.7%.