صحة

ما الرابط العجيب بين الربيع والحب؟

ارتبط الربيع بالحب عبر التاريخ من خلال الأدب والرسم والموسيقى وغيرها، وكانت أسباب هذا الارتباط مجهولة، فهل لما يحدث علاقة بتفتّح الأزهار وانتشارها في الأزقة والشوارع ؟ أم بسبب أشعة الشمس الساطعة ؟

ويقال إن ينابيع القلب والعاطفة تمتد عندما يحين الربيع. فهل يدعو الربيع الناس للحُب فعلا؟ أم أننا نتوهم ذلك؟ أو أن هناك علاقة سحرية تربط بين فصل الربيع والحُب والعشق؟ فكما تتفتح الأزهار في الربيع، تتأجج المشاعر والعاطفة أيضا.

الذهن البشري يتأقلم

حاولت صحيفة “صباح” التركية الإجابة عن هذه الأسئلة بتقرير سلّطت فيه الضوء على علاقة الربيع بالحُب. واستطلعت رأي الخبراء حيث يرى الكاتب أوغور باتي أن أجواء الربيع تُحفّز جسم الإنسان تجاه البقاء على قيد الحياة والتكاثر.

فكلما أصبح الهواء أكثر دفئا يشعر الإنسان بالتخلص من الأعباء الملقاة على عاتقه، ويصبح أكثر ميلا للخلاص من قلق الحياة، ويتأقلم الذهن البشري مع نداء الربيع له، ونبحث عن الخروج من المنزل أكثر، وهو ما يجعلنا نخوض تجارب جديدة. كما نميل في الربيع إلى إثبات أنفسنا بدرجة أكبر، وبالتالي يبحث الجسد عن الحُب والعشق، بدعم من العقل.

هرمونات الربيع

ومن المعلوم أن الدماغ يُفرز عددا من الهرمونات في فصل الربيع على غرار الدوبامين والأدرينالين والسيروتونين. وعند إفرازها معا تُفتح نافذة كبيرة أمام الحُب والعشق، لأنّ الدوبامين يمنح الجسم الطاقة والشعور بالنشوة، في حين يبعث السيروتونين الشعور بالسعادة، ويمد الأدرينالين الجسم بالطاقة. بناء على ذلك، تكون هذه الهرمونات سببا في الانفتاح على الحب.

من هذا المنطلق، يكون الجسد قد تهيّأ للحب مجددا، سواء كان ذلك بإرادتنا أو من دونها. عند هذه النقطة، يبرز دور العطور لدى النساء لأنها تُجهز النفس البشرية للحُب في الربيع. كما تساهم عوامل أخرى في ذلك من قبيل الحالة النفسية والثقافية، فالأدب والموسيقى يدعوان إلى الحُب في الربيع.

الانفتاح على الطبيعة

من جانبها، تقول أخصائية النسائية والتوليد غوكشان أردوغان إن الربيع يعني بداية موسم التخلص من الحواجز والانفتاح على الطبيعة التي يمثل الإنسان جزءا لا يتجزأ منها. ولذلك، يُحيي خروج الإنسان من الأجواء الماطرة والغائمة نحو أحضان الطبيعة روحه المعنوية، ويصبح الربيع للكثيرين ممرا ينقلهم من السلبية إلى الإيجابية والأمل والحماس.

وتبعث مشاهد تفتح أزهار الأشجار، وعودة الطيور المهاجرة، وزيادة ساعات النهار، وزرقة السماء، وغروب الشمس الرائع مع انعكاس أشعتها على مياه البحر، الأمل والطاقة والحيوية في النفس البشرية، ولهذا يصبح الربيع بطبيعته الخلابة بمثابة أرض خصبة للحُب والعشق. وقد أثبتت الدراسات العلمية ذلك حيث أشارت بوضوح لوجود ارتباط وثيق بين الحالة النفسية الإيجابية وبين الربيع، الذي يسهل فيه إنشاء وتجديد علاقات الحُب بين الناس.

لكل المخلوقات

وليس للربيع علاقة بالإنسان فقط، بل يمنح النشاط والحيوية لكافة المخلوقات، بما في ذلك الحيوانات إذ إنها تنطلق في هذا الفصل في الحقول الخضراء، وعلى سبيل المثال، تشعر القطط بالغيرة من بعضها البعض، وتلعب الغزلان بجوار ينابيع الماء.

وهذا ما يُؤكد عليه البروفيسور سينان جنان الذي تحدث عن وجود ارتباط وثيق بين جميع الكائنات الحية وبين فصول السنة. فالتكاثر لدى عدد كبير من الحيوانات مرتبط بفصول معينة، كما تُزهر الأشجار وتظهر أوراقها وفق مواسم محددة. وقد يرى البعض أن الإنسان مُستثنى من هذه المعادلة وغير مرتبط بتغيرات الفصول الأربعة، لكننا لو راجعنا الكثير من تصرفاتنا وحالتنا النفسية لوجدنا تأثرها بالفصول.

ويضيف جنان أن خروج الإنسان من الظروف الصعبة التي يواجهها في الشتاء واستقباله للربيع، يمنحه الكثير من الراحة النفسية، من خلال تعرضه لأشعة الشمس بدرجة أكبر، وخروجه أكثر لأحضان الطبيعة. ويُؤثر ذلك بصورة مباشرة على الدماغ، حيث يزيد من إفرازه للهرمونات التي تُسبب السعادة والشعور بالراحة النفسية.

كما تتأجج مشاعر الحُب خلال فصل الربيع بشكل تلقائي، ويزداد الشعور بالأمل والتفاؤل، وهو ما يعتبر مهما للغاية ويؤثر بشكل كبير على عمل عدد مهم من أعضاء الجسم، بالإضافة إلى الميل أكثر نحو التكاثر، وتوهّج المشاعر تجاه الجنس الآخر في هذا الفصل.

هرمونات السعادة

ومن المعلوم أن الإنسان هو أحد المخلوقات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالشمس إذ إن التعرض لأشعتها أكثر في الربيع يُؤثر إيجابيا على الدماغ من خلال تحفيز إفراز هرمونات السعادة. ويرتبط أيضا بانتظام ساعات النوم والاستيقاظ مبكرا للاستفادة من أشعة الشمس أكبر قدر ممكن.

وفي الختام، أكدت الصحيفة ضرورة الاستيقاظ مبكرا للاستفادة من أشعة الشمس صباحا التي تمثل علاجا لحالات الإحباط والخمول والشعور باليأس، والتي في حال لم نحصل عليها بصورة كافية، تتأثر ساعتنا البيولوجية سلبا. وبالتالي، تساهم أشعة شمس الصباح في تنظيم نسق الحياة، ويقود كل ذلك إلى الشعور بالراحة، والميل أكثر نحو الحب.

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى