كيف تكون علاقة الصداقة أجمل عندما تكون شخصا غير مرتبط عاطفيا؟
تحدثت الكاتبة بيلا ديباولو في تقرير نشرته مجلة "سيكولوجي توداي" الأميركية عن ظاهرة تأخير الشباب للزواج لفترة أطول من أي وقت مضى.
في المقابل، تضاعفت معدلات الطلاق بين الأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين خلال الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2010، لكن السؤال المطروح هو: هل يحصل هؤلاء الأشخاص الكبار في السن على الدعم من المقربين منهم مثل الأصدقاء وأفراد العائلة والجيران؟ حاولت دراسة الإجابة عن ذلك.
الدراسة لأساتذة التنمية البشرية آشلي إيرمر وكريستين برولكس، نشرت في مجلة “ريسرتش أون أيجين” في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، والتي شملت 2361 شخصا يبلغون من العمر 62 عاما أو أكثر بين عامي 2010 و2011.
وأجاب المشاركون عن بعض الأسئلة المتعلقة بالأشخاص الموجودين ضمن شبكتهم، ومدى شعورهم بالانتماء، وعن حال صحتهم العاطفية، وما إن كانوا يحصلون على الدعم من أصدقائهم وعائلتهم.
نتائج الدراسة
وبينت النتائج أن الدعم المتلقى من الشبكة الاجتماعية أمر جيد للجميع، لكنه أفضل بالنسبة للعزاب.
وأوضحت هذه الدراسة أنه كلما كانت العلاقات وطيدة كانت الصحة العاطفية للمشاركين جيدة، وكانوا أكثر سعادة وأقل عزلة وأقل عرضة للاكتئاب.
كما أن الدعم الذي يقدمه الأصدقاء والعائلة والجيران في غاية الأهمية، حيث أكد جميع المشاركين أن مثل هذا الدعم جعلهم يتمتعون بصحة عاطفية أفضل.
وأضافت الكاتبة أن دعم الأصدقاء بشكل خاص يعد قويا، لأنه يساعدنا في الحفاظ على صحة جسدية أفضل والتمتع بالسعادة العاطفية.
والأشخاص الذين يؤمنون بأهمية هذا الدعم يتمتعون بعلاقة وطيدة تجمعهم بأصدقائهم ويعتمدون عليهم عند الحاجة، ويحظون بسعادة وصحة عقلية جيدة.
ويبدو أن الأشخاص العزاب يستفيدون من هذا الدعم على الصعيد العاطفي أكثر من الأشخاص المرتبطين.
والاختلاف الواضح بين الأشخاص المرتبطين والعزاب يتمثل في عدد الأشخاص الموجودين ضمن شبكاتهم الاجتماعية.
فبالنسبة للعازبين، كلما زاد عدد الأشخاص الجديرين بالثقة من حولهم كانوا أكثر سعادة وأقل عزلة واكتئابا، إلا أن هذا الواقع لا ينطبق على الأشخاص المرتبطين.
السبب وراء هذا الاختلاف
أوردت الكاتبة أن مؤلفي هذه الدراسة يجهلون الأسباب القاطعة وراء هذا الاختلاف، لكنهم يقترحون أن الأفراد العزاب يعتمدون على الأصدقاء أكثر لأنهم لا يملكون شريكا، وهذا ما يجعل دعم الأصدقاء لهم شديد الأهمية لتحقيق السعادة.
وقد تكون هناك أسباب أخرى، فلعل الصداقات مع الأشخاص العزاب تكون وطيدة أو أكثر ديمومة من الصداقات مع الأشخاص المرتبطين، أو أن العزاب يمجدون مفهوم الصداقة أكثر، مما يجعلهم منفتحين مع أصدقائهم وأكثر اعتمادا عليهم.
كما أظهرت دراسة أخرى أن الأشخاص غير المتزوجين يبحثون عن السعادة من خلال علاقاتهم الفردية، وكلما حاولوا الخروج عن المألوف كانوا أكثر سعادة.
وشملت الدراسة أكثر من 200 ألف شخص من جميع الأعمار من بين 31 دولة أوروبية.
وتشير الدراستان إلى أن الأشخاص العزاب يحصلون فعلا على فوائد عاطفية أكثر من خلال إيلاء الأهمية لقيمهم أو القدرة على الوثوق في أصدقائهم والاعتماد عليهم.
وكشفت الدراستان أن الأشخاص المتزوجين والمرتبطين لا يهتمون لعدد الأشخاص الجديرين بالثقة في حياتهم.
أما بالنسبة للأشخاص العزاب فإن توسع دائرة العلاقات الاجتماعية يعني تحسين الصحة العاطفية والعقلية.
كما وجد الباحثون أن الاعتماد على أشخاص مختلفين لغايات مختلفة هو الطريقة التي يعتمدها العزاب أكثر من الأشخاص المرتبطين لأنها تعد أكثر إشباعا للعواطف.
وقد وجدت سلسلة من الدراسات الأخرى أن الأشخاص الذين لديهم مجموعة متنوعة من “العلاقات المرتبطة بالعواطف” هم أكثر رضا عن حياتهم.
وأشارت الكاتبة إلى أن الدعم الاجتماعي من الأصدقاء يجعل الأشخاص العزاب يشعرون بسعادة عاطفية أكثر من الأشخاص المتزوجين، لكن الأسباب التي تقف وراء ذلك لا تزال مجهولة.
ويبدو أن الشعور بالسعادة يجعل الأفراد يشعرون بثقة تمكنهم بدورها من الثقة في أصدقائهم والاعتماد عليهم عندما يحتاجون إليهم.
ونتائج جميع الدراسات هي مجرد تقييم متوسط لإحدى الحالات لكن هناك دائما استثناءات.