تكنولوجياصور من العالم

تعرف على فتاة هارفارد التي صورت الثقب الأسود

تخصصت كاتي بومان، الحاصلة على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من معهد ماساتشوستس العالي للتكنولوجيا، في جزئية دقيقة جدا تعنى ببناء خوارزميات معقدة ودقيقة يمكن لها خلق الصور من خلال سيل ضخم من البيانات يصل إلى خمسة ملايين غيغا بايت، وأكملت تخصصها بعد ذلك في جامعة هارفارد.

ووجدت بومان في مشروع “تلسكوب أفق الحدث” ضالتها، فالباحثون في المشروع لا يحاولون التقاط صورة وحيدة للثقب الأسود المدفون في أعماق المجرة مسييه87، بل الأمر أكثر عمقا وتعقيدا من ذلك.

فالثقوب السوداء صغيرة جدا في الحجم، حتى أكثرها ضخامة سيكون بالنسبة لنا كبرتقالة على سطح القمر، لهذا السبب كان لا بد أن يصنع العلماء تلسكوبا ضخما لالتقاط صورة كتلك، لكنهم اكتشفوا أن هذا التلسكوب يجب أن يكون بمساحة أكبر من قارة كاملة.

تلسكوب بحجم كوكب

في تلك النقطة برزت فكرة جديدة تتضمن استخدام عدد من التلسكوبات الراديوية الموزعة في مناطق متفرقة على كوكب الأرض بحيث تعمل تلك المجموعة من التلسكوبات معا كتلسكوب واحد ضخم.

لغرض التقريب، يشبه الأمر أن تمتلك ثمانية آلات كمان، كل منها ينقصه وترين أو ثلاثة مختلفة عن الآخر، وكل واحد منها يعزف اللحن نفسه، حينما نستمع للحن من آلة واحدة لن نميزه، لكن حينما نستمع للآلات الثماني معا فإن كل منها يكمل الآخر.

هذا ما يفعله تلسكوب أفق الحدث، فهناك ثمانية مراصد يعمل كل زوج منها على جمع قدر من البيانات يمثل جزءا من الصورة، لكن تلك البيانات يمكن أن تتجمع معا لصناعة صورة واحدة للثقب الأسود، غير أن الأمر ليس بتلك السهولة.

ذلك لأن كم البيانات الصادر من التلسكوبات الثمانية ضخم للغاية، وليست كل صورة كغيرها، بعض الصور تعبر فقط عن مجرد فوضى في الفراغ، والبعض ليس قريبا حتى من الواقع، والبعض الآخر قريب للثقب الأسود.

خوارزمية عبقرية

هنا تتدخل بومان لصنع خوارزميتها الخاصة التي تفاضل بين الصور بطريقة زوجية، بمعنى أنها تقارن بين الصور الملتقطة لأجزاء صغيرة جدا جدا من الصورة الكبيرة.

ثم تقوم الخوارزمية بدمج كل صورتين معا لصنع صورة جديدة، بعد ذلك تفاضل بين الصور المحتملة، وتختار أفضلها، ثم تدمجها معا، ويظل الدمج مستمرا للحصول على قطعة صغيرة واضحة من الصورة.

بعد ذلك تجمع الخوارزمية تلك الصور الصغيرة معا لصنع صورة أكبر، ثم أخرى أكبر منها، ومع الوقت، خلال العمل في تلسكوب أفق الحدث، تكونت الصورة الخاصة بالثقب الأسود شيئا فشيئا لنصل في النهاية إلى صورة واحدة كاملة حقيقية.

بومان قادمة من عالم لا علاقة له بالثقوب السوداء، حتى أنها من أجل المشاركة في المشروع اضطرت لأخذ مساقات إضافية في الفيزياء الفلكية، لكن ما نحن متأكدون منه هو أن تفاعل العلوم المختلفة، علوم الحاسب المعقدة وعلوم الفيزياء الفلكية، قادر دائما على خلق المعجزات، أحدها هو ما تحدث العالم كله عنه بالأمس، الصورة الأولى في التاريخ لثقب أسود.

 

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى