منوعات

عزوف عن البذخ.. الأعراس في السعودية تصبح أكثر تقشفًا‎

بعدما كانت حفلات الزفاف في السعودية مناسبات للبذخ الكبير وإظهار المكانة المالية والاجتماعية، بات عدد كبير من الشباب يفضّلون الاقتصاد فيها، في ظلّ سياسات أكثر تقشفًا في البلاد، مع ما يسببه لهم ذلك من بعض الإحراج الاجتماعي.

وفي حفل زفاف أقيم في الآونة الأخيرة، حافظ العريس باسل الباني على التقاليد المعروفة من ثوب العروس المطرّز وسيف العريس المزّين، لكنّه لم يدع أكثر من عشرين شخصًا إليه، وأقامه في منزل عائلته في مدينة جدة.

ويختلف هذا الحفل عما اعتاد عليه السعوديون، إذ درجت العادة على استئجار قاعات فخمة ودعوة عدد كبير من الأقارب والأصدقاء والمعارف.

ويقول شقيق العريس معن الباني (21 عامًا) إن السعوديين “يدعون عادة مئات الأشخاص وينفقون الملايين في ليلة واحدة لجلب أفضل المغنيين والفرق والأثواب”.

ويضيف “لكننا أردنا حفلًا أصغر حجمًا في البيت، وهو أمر قد يكون ممتعًا أيضًا”.

وتزداد ظاهرة إقامة حفلات الزفاف الصغيرة في المنازل انتشارًا في المملكة، فيما يؤشّر على واقع اقتصادي جديد وسعي الشبان لتجنّب الإنفاق الكثير.

أكبر سوق في العالم العربي

ويعيش السعوديون في الآونة الأخيرة عصرًا جديدًا عنوانه التقشّف، مع تقليص الحكومة الدعم الذي تموله عائدات النفط، بالإضافة إلى معالجة تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.

في ظلّ هذا الواقع، انخفض مستوى الإنفاق على حفلات الزفاف بشكل كبير.

وفي العام الماضي، قال منظمو معرض الزفاف العالمي السعودي إن الإنفاق على هذه الحفلات بلغ أكثر من ملياري ريال سعودي (533 مليون دولار).

ومن الصعب الحصول على إحصاءات حول حفلات الزفاف المنزلية، ولكن اثنين من منظمي حفلات الزفاف، أكّدا أن معدل الإنفاق على الأعراس انخفض 25 % العام الماضي، مع السعي لتخفيف مظاهر البذخ والإسراف.

ويقول تاجر في مجال بطاقات دعوات الزفاف في العاصمة الرياض إن عمله تراجع 70% في المدة ذاتها، مع مطالبة الكثير من الزبائن بتصاميم أرخص من قبل.

قرض من البنك

ومن الشباب الراغبين في الاقتصاد بالنفقات، مرتضى الأبوي الذي يعمل سائقًا في تطبيق “أوبر”. ويقول “لا يجوز أن يبدأ الزواج بقرض من البنك” لإقامة الزفاف.

ولم يرغب هذا الشاب البالغ 29 عامًا أن ينفق، كما يفعل كثيرون، 80 ألف ريال (أكثر من 21 ألف دولار) لاستئجار قاعة أو دفع مهر العروس والتجهيزات مثل الذهب أو مواد التجميل.

لكن هذا التوجّه لا يرضي الكلّ في مجتمع اعتاد على أن تكون حفلات الزفاف مناسبة تظهر مكانة العائلة.

فقد اعترض أفراد من عائلة مرتضى على رغبته، إلى حدّ أنه تعارك مع شقيقه الأكبر الذي كان يخجل من أن “يقول الناس عنا إننا فقراء”.

وأثار مقترح مرتضى كذلك غضب عائلته وعائلة زوجته، ولكنهم رضخوا في النهاية، وبعدها اشترط عدم دفع مهر وعدم تقديم ذهب وعدم تنظيم حفلة ما بعد الزفاف، ولم يكلف حفله سوى تسعة آلاف ريال سعودي (2400 دولار).

هذه التجربة جعلته ينشئ مجموعة بعنوان “مجموعة الزواج الميسر” في مدينة الأحساء (شرق المملكة)، وهي تقدّم استشارات للشبان الراغبين بأن يفعلوا مثله.

وإذا كان هذا التوجّه آخذًا بالانتشار، فإن كثيرين ما زالوا ينفقون أموالًا طائلة على القاعات والملابس والبرنامج الفني لحفل الزفاف.

وتلقى هذه القضية اهتمامًا في الصحافة المحلية.

ففي العام 2017، نشر الكاتب السعودي عبد الغني القش مقالًا في صحيفة محلية، ندد فيه بالتبذير في الأعراس، وخصوصًا في الطعام.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، قالت صحيفة “سعودي غازيت” إن الضغوطات الاجتماعية وارتفاع التكاليف والبطالة تدفع الكثير من الشبان إلى تأجيل الزواج حتى بلوغهم سن الأربعين.

ويقول مرتضى إن الشباب السعوديين سيكتشفون جمال البساطة وعدم الإسراف.

وأضاف “عندما تتذكر زوجتي زفافنا تتساءل حتى لماذا أنفقنا 9000 ريال بدل أن نسافر بهذا المبلغ مثلًا”.

المصدر : إرم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى