منوعات

من بيع أكياس القمامة إلى ملياردير يمتلك فريقا لكرة السلة

تتحدث “بي بي سي” إلى المستثمر الأمريكي مارك كيوبِن، مالك أحد فرق كرة السلة في بلاده، لاستعراض مسيرته الناجحة كأحد رواد الأعمال البارزين في الولايات المتحدة.

يقول الملياردير العصامي مارك كيوبِن، إنه كان يحلم دائماً بأن يصبح ثرياً. ويضيف كيوبن البالغ من العمر 60 عاماً والذي يمتلك فريق “دالاس مافريكس” لكرة السلة في الولايات المتحدة أن ذلك كان يمثل أولويةً بالنسبة له.

وكان يقول لنفسه وقتذاك: “لو استطعت أن أصبح غنياً سيكون بوسعي التقاعد، وسيصبح من الأسهل عليّ أن أجد الشخص المناسب لي وأبدأ في تكوين أسرة”.

اللافت أن كيوبِن، الذي وُلِدَ ونشأ في أسرة من الطبقة العاملة في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسيلفانيا، حقق حلم الثراء هذا وهو في الثانية والثلاثين من عمره، بالتحديد في عام 1990 عندما باع شركة “ميكروسوليوشنز” للكمبيوتر مقابل ستة ملايين دولار.

في ذلك الوقت تقاعد كيوبِن على الفور – التزاماً بما كان يخططه لحياته – وانطلق في أسفارٍ ورحلاتٍ حول العالم.

رغم ذلك فقد شعر في نهاية المطاف بأنه يفتقد حياته العملية، وهكذا شارك في عام 1995 في تأسيس موقع “برودكاست دوت كوم” لبث المقاطع الصوتية والمصورة على شبكة الإنترنت.

وبعد أربع سنوات، بيع الموقع إلى شركة ياهو مقابل 5.7 مليار دولار، وهو ما جعل كيوبِن مليارديراً في الحادية والأربعين من عمره.

اليوم يصب هذا الملياردير تركيزه الأساسي على فريق “دالاس مافريكس”، ويثير هذا الرجل الجدل في بعض الأحيان كمالكٍ لذلك الفريق. كما أن لديه الكثير من الالتزامات والاستثمارات التجارية الأخرى، فضلاً عن تمتعه بمكانة مرموقة كأحد المستثمرين المشاركين في برنامج “شارك تانك” التليفزيوني، وهو النسخة الأمريكية من البرنامج البريطاني “دارغونز دَنْ” (عرين التنانين)…ويقوم البرنامجان على فكرة إتاحة الفرصة لأصحاب المشاريع لعرضها على المستثمرين المشاركين فيهما لتقييمها وتبنيها بالفعل أو رفضها.

ويعزو كيوبِن – الذي تُقدر ثروته حالياً بـ 3.9 مليار دولار – نجاحه سواءٌ في الحياة أو في المجال الاقتصادي والتجاري، إلى كلٍ من العمل بجد وكذلك العمل بناءً على استراتيجيةٍ واضحةٍ ومحددة.

ويقول في هذا الشأن: “لدى الجميع الرغبة في الفوز.. (لكن) لا يحظى بذلك سوى من لديه الرغبة في التحضير” لإحراز هذا الفوز.

إذا عدنا إلى الوراء سنوات طويلة، سنجد أن أول مشروعٍ تجاري لكيوبِن تمثل في الدخول في مناقصةٍ لبيع أكياس النفايات مباشرةً إلى السكان في بيوتهم، حينما لم يكن عمره يتجاوز 12 عاماً.

وكان هدفه وقتذاك من وراء هذا المشروع الحصول على المال اللازم لشراء حذاءٍ رياضي لكرة السلة غالي الثمن.

تنقل كيوبِن بعد ذلك بين الجامعة في بيتسبرغ، وبلومينغتون في ولاية إنديانا، ليمارس هناك أنشطةً متنوعةً شملت إدارة إحدى الحانات وتقديم دروسٍ في الرقص والترويج لحفلات.

ويقول إن هذه المهن والأنشطة علّمته أن شعور “الزبائن بالسعادة يقود إلى نتائج عظيمةً”، وأن “إدارة عملٍ تجاري يعني الانهماك بشدة في العمل، ولكنه ربما يكون كذلك مُجزياً للغاية”.

وبعد تخرجه بدرجة جامعية في الإدارة، انتقل كيوبِن الشاب للإقامة في مدينة دالاس بولاية تكساس، ليعمل هناك مندوب مبيعات لشركة برمجيات.

وفي عام 1983 تولّدت قوة الدفع التي حدت به إلى إطلاق مشروعه التجاري الخاص في ذلك القطاع، وذلك بعدما قرر القائمون على الشركة فصله بشكل فوريٍ، إثر نجاحه في إبرام صفقة بمئات الآلاف من الدولارات، دون الحصول على تفويض منهم بذلك.

وهكذا أسس بعد بضعة شهور “ميكروسوليوشنز”، التي عَمِلَ على توسيع أنشطتها وزيادة نطاق أعمالها على مدار السنوات السبع التالية قبل بيعها. وأعقب ذلك تأسيسه لموقع “برودكاست دوت كوم”، وبعد بيع الموقع عام 1999، ذُكِرَ أن كيوبِن توقف على الفور عن ممارسة أي أعمال واشترى طائرةً خاصةً بـ 40 مليون دولار.

وبعد عامٍ واحدٍ، اشترى “حصة الأغلبية” من أسهم “دالاس مافريكس” مقابل 280 مليون دولار.

وبالتزامن مع ذلك، قوض ياهو أنشطة موقع “برودكاست دوت كوم”، الذي لم يمض وقتٌ طويلٌ بعد ذلك قبل أن يصبح في طي النسيان، ويتوقف عن العمل بهدوء بعد عام 2002.

أما “دالاس مافريكس” فقد فاز عام 2011 – في ظل عهد كيوبِن – بأول بطولة له للرابطة الوطنية لكرة السلة (دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين) المعروف اختصاراً باسم (إن بي آيه).

واليوم تبلغ الإيرادات السنوية للفريق 233 مليون دولار، وتُقَدِر مجلة “فوربس” قيمة الاسم التجاري له بـ 1.9 مليار دولار، ليصبح تاسع أغنى فريق في البطولة المؤلفة من 30 فريقاً.

كما أضفى كيوبِن بعض البهرجة الإضافية على الفريق في صورة فرقة رجالية لرقص الهيب هوب، تحمل اسم “مافز ماني آيه آيه سيز”، تقدم منذ عام 2002 عروضها لإمتاع الجماهير في المباريات التي يخوضها الفريق على أرضه.

ويقول كيوبِن: “قبل شرائي للفريق، كانت فرق الـ `إن بي آيه` تحسب أنها تمارس نشاطاً متعلقاً بكرة السلة. أنا كنت أعلم أننا في مجال أو صناعة تتعلق بخبرة المرور بأشياء معينةٍ”.

ويضيف: “المشجعون يأتون للاستمتاع ومعايشة تجارب فريدةٍ ليس بوسعهم أن يحظوا بها في أي مكانٍ آخر. لقد أزعجت فرقة مافز ماني آيه آيه سيز الكثير من التقليديين”.

ويرى ريتشارد باركر، وهو خبير في صناعة الرياضة، أن كيوبِن مُجازفٌ ناجحٌ في مجال الأعمال التجارية. ويشغل باركر منصب النائب التنفيذي لرئيس وكالة “إم آند سي ساتشي سبورت آند إنترنتاينمينت” العاملة في مجال حملات العلاقات العامة في المجال الرياضي.

ويقول باركر إن إقدام هذا الرجل في عام 2000 على شراء فريق “دالاس مافريكس” – الذي كان يعاني من الكثير من المشكلات آنذاك – شكَّل “مخاطرةً كبيرةً”.

وبحسب ما يقول باركر: “رأى كيوبِن ما بات يعلم الكثيرون الآن صحته، ألا وهو أن الأهمية الإعلانية والتجارية للجانب الترفيهي الكامن في بطولة دوريٍ رياضيٍ كبيرٍ، ليست شيئاً قليل الأهمية بالنسبة للنواة الصلبة من الجماهير”.

ويضيف الرجل قائلاً إن دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين بات يشكل “في عام 2018 الحدث الرياضي الأقوى صلةً بثقافة الشباب (في الولايات المتحدة)، وهو الدوري الذي يلاحقه الآخرون. ويشكل كيوبِن جزءاً كبيراً من ذلك التطور”.

غير أن ملكية كيوبِن للفريق يكتنفها كذلك بعض الجدل، وهو ما ينبع في بعض الأوقات من استخدام فرقة الرقص الرجالية التي تحدثنا عنها سابقاً، ويتمحور في أحيانٍ أخرى حول الغرامات التي فُرِضَتْ على هذا الرجل في مناسباتٍ كثيرة للغاية بسبب انتقاده للمسؤولين والحكام.

ففي عام 2011، قال كيوبِن إن المسؤول عن التحكيم في البطولة وقتذاك لم يكن مؤهلاً حتى لأن يكون مديراً لإحدى متاجر سلسلة “ديري كوين” للمثلجات (الآيس كريم) في الولايات المتحدة. ودفع هذا التصريح الشركة – التي شعرت بأنها متضررةٌ منه – إلى دعوة كيوبِن للعمل لمدة يومٍ واحدٍ في أحد فروعها، وهو ما قام به بالفعل.

لكن ملكية فريق كرة السلة ذاك، لا ينفي أن لـ”كيوبِن” اهتماماتٍ واستثماراتٍ اقتصاديةً وتجاريةً أخرى، من بينها كونه أحد مالكي مجموعة “2929 إنترنتاينمينت” الإعلامية، ورئيس شركة “آيه إكس إس” للبث التليفزيوني عبر نظام الكوابل وبالأقمار الصناعية في الولايات المتحدة.

كما يؤلف كتباً تتضمن نصائح للراغبين في خوض مجال إطلاق مشروعاتٍ اقتصاديةٍ وتجاريةٍ.

ويقول كيوبِن إن تد تيرنر مؤسس شبكة “سي إن إن” التليفزيونية الإخبارية الأمريكية، كان يشكل مصدر إلهامٍ له في مراحل مبكرةٍ من حياته.

ويضيف كيوبِن: “ترنر فعل الأمور بطريقته ولم يكترث بما قاله أي شخصٍ آخر عنه. لقد كان يعمل بجدٍ ويلهو بقوةٍ أيضاً، وهي صفاتٌ تعجبني”.

وينصح كيوبِن – وهو زوجٌ وأبٌ لثلاثة أبناء – الشبان الراغبين في تأسيس شركاتٍ خاصةٍ بهم بالتركيز على شيءٍ يكون من الأصل موضع اهتمامهم.

ويقول كيوبِن: “يتمثل مفتاح النجاح في أن تجد شيئاً تحب أن تفعله، وأن تصبح جيداً بحق فيه”.

وبجانب التحضير السليم والكافي لأي مشروعٍ؛ يتعين على رجل الأعمال والمستثمر الجيد أن يتحلى بالمثابرة، كما يؤكد كيوبِن الذي يقول في هذا الشأن: “لا يهم عدد المرات التي تفشل فيها، يكفي أن تكون على صواب في مرةٍ واحدةٍ فقط منها”.

المصدر : bbc

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى