ثلاث طرق للحد من التسلية التقنية
ألا تشعر بما يحدث لك في الآونة الاخيرة ؟ ألا ترى نفسك قد فقدت الحافز في عملك !؟ ألا تشعر بأنك قد فقدت صبرك في تعاملك مع الناس؟ قبل أن تجري أي تغيير جذري في حياتك عليك ان تقرأ ما يلي فربما مشكلتك وحلها أسهل مما كنت تعتقد .
في الواقع ، من الملائم أكثر أن نسأل أنفسنا : كم مرة نقوم بتفقد هواتفنا في اليوم؟! بالنسبة للكثيرين منا أصبح فتح هواتفنا وتفقدها شبه طبيعي مثل المشي !
نحن الآن في مرحلة حيث أصبح من المستحيل لبعضنا أن يجلس في الأماكن العامة بدون أن يبحث عن راحته في تلك الأجهزة ! ومن منا يجلس وحيدًا ولا يفعل شيئا ليقضي وقته ، سوف يبدو ذلك غريبا علي أي حال !
المشكلة تكمن في أن ما يحصل لنا ليس بالشيء الغريب ، بالأحرى معظمنا وبكل بساطة لا يعترف بأن إدماننا على الأجهزة له أثر على حالتنا النفسية والصحية وأيضا على آدائنا في العمل . ولا نقر كذلك بكيفية تأثير استخدام هواتفنا المفرط على علاقاتنا الاجتماعية ومساهمته في تخريبها .
إنها ليست التقنية في حد ذاتها هي ما يضرنا، إنما الاستخدام المفرط لها هو ما يعمل على شل الموارد في أدمغتنا .
باختصار تعمل التقنية على إجهاد أدمغتنا بشكل أسرع وبصفة يومية , وفي وقتنا الحاضر يعتبر هذا مسببا كبير لشعورنا بالتعب الكبير في نهاية كل يوم بالرغم من جلوسنا على المكتب طوال الوقت .
ماذا تفعل أو ماذا تسبب التسلية التقنية لعقلك ؟
أدمغتنا في هذا العصر لم تكن مصممة للعمل بفعالية وكفاءة للتحميل الزائد للمعلومات، بحيث أنه في كل مرة ننقل انتباهنا إلى شيء آخر أدمغتنا تستهلك طاقة إضافية ليتم هذا الانتقال، وفترة الانتقال يمكن أن تكون صغيرة مثل الانتقال من ملصق في الفيس بوك إلى آخر في نفس التطبيق أو من الصندوق البريدي الى الرسائل لإجراء محادثة .
ومع ذلك فإننا نفعل ذلك طوال اليوم ونتعب أدمغتنا بشكل أكثر، وبالتفكير في أن الدماغ مثل العضلات : ففي كل مرة نحول أو ننقل انتباهنا الى شيء جديد يكون الدماغ كمن يؤدي السكوات(تمارين القرفصاء )- نوع من التمارين التي تفعلها في الصالة الرياضية .
وتشير الدراسات أننا نفقد مسار انتباهنا من ست إلى عشر مرات في الدقيقة الواحدة. وباستخدام أدنى تقدير وتأثيره على النوم ذلك يقارب 6120 “حركة قرفصاء” للدماغ في اليوم!
وتكمن الصعوبة بالنسبة لأدمغتنا في تنظيم عواطفنا. فالشعور بالسعادة والمحبة كل ذلك يحتاج إلى طاقة . وعندما يتم استنزاف ذلك كله ، بكل بساطه سوف نفتقر إلى الموارد اللازمة للحفاظ على تلك المشاعر الايجابية، وهذا يصعب علينا الإبقاء على الدافع والتركيز في العمل، ويصبح الصبر في تعاملنا مع الغير تحديًا كبيرًا .
لقد شهدت شخصيا هذا الإرهاق والتعب المزمن سابقا، ويمكن القول بأنه في كثير من الأحيان يجعلك تشعر أنك لا تبالي بالأمور التي تحدث في حياتك من حولك، حتى عند علمك بأنه ينبغي عليك الانتباه الى هذه الأمور .
ولو أضفت إلى ذلك بعض الإجهاد الإضافي ربما سوف تبالغ في ردة فعلك، ببساطة سوف تتصرف بشخصية مختلفة ولن تكون على طبيعتك.
فيما يلي إليك ثلاث طرق للحفاظ على طاقتك والحد من اعتمادك على التقنية :
1- اجعل الانضباط هو عادتك
الحقيقة أن هناك بعض الناس موهوبين في ضبط النفس والحرص على المواعيد، وبالنسبة للبعض من السهل لديه الالتزام بروتين العمل وإتباع جدول زمني صارم بشكل يومي، ولكن في الحقيقة هذا الانضباط نفسه يمكن أيضًا أن يتراكم داخلك .
والمشكلة هي أن معظمنا لا ينظر إلى التفاصيل الدقيقة التي تشكل الانضباط، حيث نحن نعتقد أن لمحة سريعة في أجهزتنا والانتقال بشكل سريع بين تطبيق الانستقرام إلى الرد القصير لرسالة نصية ليست بالمسألة الكبيرة، ومع ذلك العادات الدائمة تكون ثابتة، ومع هذه الثباتية، نحن نعملها كل يوم وأحياناً كل ساعة، لتكون عادة لدينا بشكل متأصل
في النهاية نعلم أن كل هذا يساهم في ضعف القدرة على التركيز على المهام الأكثر أهمية وتأجيلها إلى وقت لاحق في نفس اليوم. وحتى بوجود هاتفك بجانب جهاز الكمبيوتر الخاص بك سوف يسبب لعقلك إزعاجًا حتى تتحقق منه .
لذلك : ضع هاتفك على الوضع الصامت، أطفئ الضوء الوامض، أو افعل ما هو أفضل من ذلك اتركه في حقيبتك، حاول التحقق من هاتفك مرة واحدة كل 60 دقيقة وداوم وعزز هذه العادة مع مرور الوقت .
2- إدارة هاتفك صباحا
بعد إطفاء منبهك في الصباح عند استيقاظك، خذ فترة من الوقت قبل أن تنظر في هاتفك، لماذا ؟ لأن الضوء الساطع من شاشة هاتفك يثير دماغك ويسبب ردة فعل عكسية ويصبح في حالة مقاومة. ويعلم دماغك أنه عندما يكون هاتفك في وضع التشغيل فإن مخاطرًا محتمله في طريقها إليك مثل رسائل بريد الكتروني والرسائل النصية وكذلك الاشعارات من هاتفك .
ومن المؤكد أنك لا تدرك أن هذا الأمر يشكل تهديدًا، و لكن دماغك يفعل ذلك عندما يبدأ في التفكير :” هل عميلي قد أرسل لي بريدا الكترونيا ؟!”،” هل تم إنهاء القضية!” ، ” هل صديقي غاضب علي ؟” أو :” أتمنى أن أحصل على الإعجاب على ملصق في الفيس بوك ”
في الاسبوع الأول لا تنظر الى هاتفك لمدة 15 دقيقة وفي الأسبوع الذي يليه اسع الى زيادة المدة الى 30 دقيقة، وفي الاسبوع الثالث انظر الى هاتفك بعد مدة 45 دقيقة وداوم على ذلك بحيث تفتح هاتفك فقط عند خروجك للعمل، ومن الواضح أن ذلك لن يحدث بشكل يومي فالهدف ليس عدم النظر الى هاتف بالمرة، إنه بكل بساطة التقليل من النظر اليه.
3- -وضوح تجربتك
عندما يكون لدينا تجربة في حياتنا تصنع أدمغتنا ذكريات من هذه التجربة، هذه الذكرى مخزنة في الوصلات العصبيه في الخلايا العصبية، هذه الوصلات العصبية إما تقوى أو تضعف استنادا على كيفية إعادتنا للتجربة، والاحساس بنفس المشاعر المماثلة التي تصاحبها يجعل من الصعب أو السهل على ادمغتنا أن تمضي قدما.
والمشكلة تكمن في أننا إذا كنا بشكل ثابت ومستمر في كل مرة نمر بتجربة جديدة نستخدم هواتفنا، نحن بذلك نعطل سير هذه الأنماط التي يجري تشكيلها .على سبيل المثال : إذا كنت تقرأ رواية وفي كل 10 دقائق تقوم بتفحص هاتفك , أنت بذلك تضعف قدرتك على الاستمرار في تلك الحالة الأدبية .
الأكثر من ذلك، أن الذاكرة بداخل تلك الوصلات العصبية تتذكر أن القراءة للهدوء والاسترخاء وايضا للتركيز ولكن وبكل هدوء تبددت .
في الماضي عندما نأخذ كتابا يمكن للدماغ أن يستمد تلك القوة الداخلية والتي تكونت من سنين من الممارسة، ولكن عندما نعمل على تعطيل تلك القدرة مرارا وتكرارا ، سوف نفقد تلك القدرة على تذكر تلك القوة عندما نكون في حاجة اليها .
ويمكن إصلاح ذلك عن طريق ما تفعله قبل أو خلال وأيضا بعد التجربة، حاول أن تعطي نفسك دقيقة قبل البدء في أي نشاط جديد، ويمكنك خلال هذه الدقيقة أن تستخدم هاتفك، اسمح لعقلك بالاسترخاء وأيضا انسى ما يتعلق بالبريد الالكتروني الخاص بك واخر بريد استلمته، وهذا يجعلك مستعدا لبدء النشاط الجديد.
وبمجرد أن تبدأ نشاطك الجديد سواء كان الذهاب في نزهة، أم العمل على مشروع أو القراءة، للحظة خذ 10 ثواني لتتوقف وتبدأ .. تعرف على ما سوف تعمل عليه وما الذي سوف يجري وكذلك ما الخطوات التي سوف تقوم بها، والمشاعر الايجابية التي سوف تحصل عليها من تلك الأعمال .
وأخيرًا، بعد الإنتهاء من عملك عليك أن تعطي نفسك دقيقة تقديرًا لما أنجزته قبل أن تنظر في هاتفك .
وهذه الخطوات العملية سوف تعزز وتقوي الروابط العصبية وتأتي بكل شيء جميل من تلك التجارب، والأهم من ذلك سوف تجعلك أقل عرضة للإلهاء وأقل تأثرًا بإغراء تلك الأجهزة .
المصدر: مجموعة نون العلمية