رياضة

كأس العالم 2018: هل تسهم البطولة في زيادة تعداد سكان روسيا؟

يبدو أن خبراء علم السكان في روسيا سيولون اهتماما كبيرا ببطولة كأس العالم لكرة القدم لفترة طويلة بعد انتهاء المباراة النهائية في 15 يوليو/تموز المقبل.

وسوف يركز الخبراء على فحص سجلات المواليد بغية التحقق من إذا ما كانت كرة القدم يمكنها مرة أخرى أن تؤثر بالإيجاب على معدلات المواليد في البلد المضيف لأكبر بطولة رياضية في العالم.

وأظهرت بحوث سابقة أن تنظيم البطولات الرياضية لها علاقة بارتفاع معدلات المواليد في البلدان المضيفة بوصفها “مؤثر جيد” يتحول إلى “مؤثر يستفاد منه في وقت مناسب”.

تراجع
وقد ترحب روسيا بهذه الأنباء نظرا لكونها تواجه أزمة سكانية مستمرة منذ عام 1992، عندما دخل سكانها فترة نمو سلبي، بمعنى زيادة أعداد الوفيات مقارنة بأعداد المواليد.

ويشير تقرير مؤسسة “راند”، مركز أبحاث أميركي للسياسة العالمية، إلى أن روسيا تواجه الأزمة للمرة الأولى في وقت السلم.

وأظهرت بعض التقديرات إلى تسجيل تراجع في تعداد السكان الحالي البالغ 143 مليون نسمة إلى 111 مليون نسمة في عام 2050، متأثرا بمزيج من تراجع مستويات المعيشة وزيادة معدلات الوفيات وتراجع أعداد المواليد.

زيادة كبيرة
وتشير أحدث أرقام البنك الدولي إلى أن روسيا تسجل 13 حالة ولادة لكل ألف شخص، وهي أعلى من معدلات تسجلها كثير من الدول، بما في ذلك العديد من دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

لكنها أقل بمعدل النصف مقارنة بعام 1960 في الوقت الذي واجهت فيه دول أخرى انخفاضا أقل حدة في المواليد.

وتمثل القضية قلقا بالنسبة للكرملن، ففي نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلسلة من الإجراءات الإصلاحية التي تهدف إلى زيادة أعداد الروس.

وطُرحت عدة قضايا من بينها تقديم معونات للأسر منخفضة الدخل التي رزقت بمواليد جدد، وأيضا تقديم منح مالية تستمر لمدة 18 شهرا الأولى من عمر الطفل.

لكن هل تساعد كرة القدم بالفعل؟
أشارت تقارير في بريطانيا إلى أن إنجلترا سجلت ارتفاعا كبيرا في عدد المواليد في الأشهر التي تلت استضافتها وفوزها بكأس العالم 1966.

وكان أقوى الأدلة على ذلك في عام 2007 عندما ذكرت تقارير أن ألمانيا سجلت زيادة في معدلات المواليد بواقع 15 في المئة في مستشفيات البلاد بعد تسعة أشهر من كأس العالم 2006.

وقال رولف كليش، طبيب ولادة، لوسائل إعلام ألمانية :”السعادة تطلق هرمونات وتسهّل الحمل”.

وأضاف : “تدوم السعادة بالنسبة للكثيرين خلال الحدث، وتُوظّف بطرق أخرى بعد صافرة انتهاء المباراة”.

وذكرت بي بي سي في عام 2015 أن باحثين من جامعة ويتوواترزساند في جنوب أفريقيا رصدوا زيادة غير عادية في المواليد الذكور في البلاد.

وخلصت الاستنتاجات إلى أن ذلك حدث بسبب كأس العالم 2010، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي تنظم فيها البطولة في قارة أفريقيا. ووفقا للباحثين أدى كأس العالم إلى زيادة الممارسات الجنسية من جانب موطني جنوب أفريقيا خلال البطولة والفضل في ذلك يرجع إلى موجة البهجة التي سادت البلاد.

وقال غويناي ماسوكومي، أحد الباحثين :”من المعروف أنه إذا مارس الناس الجنس أكثر من المعتاد فتكون كفة المواليد الذكور أكثر من الإناث”.

حتى في البرازيل، التي استضافت كأس العالم 2014 وانهزمت في مباراة قبل النهائي أمام ألمانيا 7-1، سجلت زيادة في المواليد. وأشار مكتب الإحصاء البرازيلي إلى زيادة أعداد المواليد في مارس/آذار 2015 مقارنة بعام سابق، وهي زيادة بواقع 7 في المئة.

ولا يحتاج التأثير الإيجابي لكرة القدم على معدلات المواليد إلى تنظيم بطولات كبيرة. ففي عام 2013 أشارت دراسة نشرتها دورية بريطانية معنية بشؤون الطب إلى نحت مصطلح أطلق عليه “جيل إنيستا”، إشارة إلى مواليد ما بعد الهدف الأخير الذي سجله لاعب منتخب أسبانيا ونادي برشلونة أندريس إنيستا في السادس من مايو/أيار 2009.

دعابة إيطالية
سُجل هدف في الدقيقة الأخيرة ضد نادي تشيلسي في لندن، جعل النادي الكتالوني يلعب في نهائي دوري أبطال أوروبا.

ورصدت الدراسة أعداد المواليد في المستشفيات بوسط كتالونيا وأشارت إلى أنه في فبراير/شباط 2010، بعد تسعة أشهر من هدف إنيستا، سجل معدل “المواليد الجدد” زيادة بواقع 16 في المئة.

ويتناقض ذلك بشكل كبير مع النتائج في النصف الثاني من العام، إذ سُجل تراجع في المواليد أرجعه المشرفون على الدراسة إلى مخاوف من الأزمة الاقتصادية الإسبانية في ذلك الوقت.

وكتب الباحثون :”تظهر نتائجنا أيضا تراجعا في المواليد من النصف الثاني من عام 2010، ربما بسبب الأزمة الاقتصادية الإسبانية والتي يفترض أن لها علاقة بمعدلات لمواليد”.

كما عرفت إيطاليا الظاهرة، ففي وقت سابق العام الحالي حقق نادي “إيه سي روما” عودة تاريخية أمام برشلونة في روما بفضل هدفه في الوقت المحتسب بدل الضائع، واستخدم النادي حسابه على تويتر ليعلن ساخرا عن خط إنتاج أطفال.

وكتب في الإعلان : “ربما نبيع بعضا منها خلال تسعة أشهر”.

أيسلندا “على خط النار”.
وفي يونيو/حزيران 2016 حققت أيسلندا، وهي أصغر الدول التي تأهلت لكأس العالم، مفاجأة مدوية عندما أطاحت بالمنتخب الإنجليزي من نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2016، وتشير التقديرات إلى حضور 27 ألف أيسلندي، حوالي 10 في المئة من تعداد السكان، البطولة.

وذكرت وسائل الإعلام المحلية أنه بعد تسعة أشهر سجلت البلاد زيادة قياسية في أعداد المواليد. وقد يحدث ذلك مرة أخرى، بعد أن بدأت أيسلندا تمثيلها في روسيا 2018 وتعادلت مع الأرجنتين بهدف لكل منهما.

وماذا عن روسيا؟
ليس من المتوقع أن تحقق البلاد انجازا في كأس العالم، على الرغم من سحقهم المنتخب السعودي بخمسة أهداف نظيفة في مباراة الإفتتاح التي أقيمت في 14 يونيو/حزيران الجاري. ويأتي ترتيب المنتخب الروسي في أدنى قائمة المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2018.

لكن مثال جنوب أفريقيا يفيد كدليل على أن الأداء الضعيف في ملعب كرة القدم يمكن أن يؤدي إلى انتاجية كبيرة في أماكن أخرى.

المصدر : بي بي سي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى