فن

خفوت الدراما السورية يرفع “منع التجول” في مواسم رمضان السابقة

يبدو أن زمن “منع التجول” الذي كان يفرضه عرض المسلسل السوري “باب الحارة”، في أجزائه الأولى قد انتهى، فمن الواضح أن الدراما السورية، مع مرور أكثر من أسبوع على الموسم الرمضاني، بدأت تفقد بريق السنوات الماضية، فيما المحطات التي كانت تتهافت على شراء حقوق عرضها، وجدت بدائل أكثر جذبًا، من بينها الدراما الخليجية، مثلًا.

وتعبير “منع التجول” ذاك طرح كدلالة رمزية على “جاذبية وسطوة” الدراما السورية التي كانت تجبر جمهور العواصم العربية على “منع تجول طوعي” للتسمر أمام الشاشات، غير أن المسلسلات السورية لهذا الموسم الرمضاني، وكما يتندر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تجبر الجمهور على مغادرة المنزل و”التجول” بدلًا من متابعة أعمال “مملة ومكررة”.

إسكات “ترجمان الأشواق” وضياع في “جزيرة الواق واق”
أولى الإشارات السلبية جاءت من دمشق عندما أعلن عن منع مسلسل “ترجمان الأشواق” الذي تولى إخراجه المخرج السينمائي السوري محمد عبد العزيز صاحب أفلام حققت جوائز وسمعة طيبة مثل “نصف مليغرام نيكوتين”، ودمشق مع حبي”، والرابعة بتوقيت الفردوس”، غير أن هذا الأرشيف المشرق لم يشفع لصاحبه أمام الرقابة، بالرغم من أن المسلسل، الذي أخذ عنوانه من اسم ديوان للمتصوف محي الدين ابن عربي، هو من إنتاج التلفزيون السوري الرسمي.

ولم يكن مصير مسلسل “الواق واق”، أحسن من سابقه، فهذا العمل الذي علق عليه الجمهور آمالا كبيرة، خيب الأمل منذ حلقاته الأولى، رغم أن التوقعات كانت تشير إلى أن “الواق واق” سيحقق نجاحا لافتا استنادا إلى تجارب سابقة مثل مسلسل “ضيعة ضايعة” نجح فيه الثنائي المخرج الليث حجو والسيناريست ممدوح حمادة في تقديم كوميديا راقية ومحببة.

هذا الثنائي الذي يشترك، الآن، في صنع “الواق واق” ضاع مع أبطاله في تلك الجزيرة النائية التي يظهرها المسلسل، من دون أن ينجح في كسب رضا الجمهور، وكذلك الفضائيات التي أحجمت عن شرائه، باستثناء اثنتين أو ثلاث.

إعادة إنتاج الفوضى
والحال كذلك بالنسبة لمسلسل “فوضى”، الذي أخرجه سمير حسين، فيما كتب له السيناريو اسمان لامعان في الدراما السورية هما حسن سامي يوسف ونجيب نصير، كانا قدما، معًا، مسلسلات ناجحة خلال السنوات الذهبية للدراما السورية، غير أنهما في مسلسل “فوضى” يغرقان في الفوضى السورية، ويكرران مشاهد ولقطات تعج بها نشرات الأخبار اليومية، وهو ما أوقع المسلسل في فخ “التلقين والمنحى الإخباري” الذي لم ينج منه حتى العنوان، فالجميع يعلم أن “هي فوضى” هو عنوان أحد أبرز أفلام المخرج السينمائي المصري يوسف شاهين.

ولئن كان عنوان هذا المسلسل مسروقًا من الفن المصري، فإن هناك مسلسلًا سوريًا آخر بعنوان “وردة شامية”، للمخرج تامر اسحق، اتكأ، في قصته الدرامية، على حكاية ريا وسكينة، المعروفة في التراث الشعبي المصري، والتي انتقلت إلى شاشة السينما والتلفزيون، أكثر من مرة، وهذا الاقتباس، الذي لم يشر إليه صناع العمل، هو دليل آخر على إفلاس الدراما السورية.

إزعاج نجيب محفوظ بـ”الواتساب”
في المقلب الآخر، تفاخر صناع مسلسل “طريق”، للمخرجة رشا شربتجي، بوضع اسم الأديب الراحل نجيب محفوظ على تيترات المسلسل، قائلين انه مستمد من قصة “الشريدة” للروائي المصري الحائز على نوبل الآداب.

والواقع ان متابعة بعض الحلقات تكشف أن ذكر اسم محفوظ يبدو أنه جاء من باب إعطاء قيمة فنية وجمالية للعمل، ذلك أن حوارات المسلسل بعيدة تمامًا عن تلك التي طبعت أعمال الكاتب المصري الكبير، كما أن أجواء العمل، حيث الهواتف المحمولة في كل ركن، ورسائل الواتس آب والـ”فويس مسج”، وقاعة الألعاب الإلكترونية …هذه المفردات وغيرها لم تكن متوافرة أصلًا في حقبة الأديب الراحل، فلماذا لجأ القائمون على المسلسل، الذي يلعب بطولته عابد فهد ونادين نسيب نجيم، إلى اسم محفوظ إن لم يكن بغرض التباهي؟.

وأعرب عدد من النقاد عن استهجانهم من عنوان المسلسل “طريق”، ذلك أن هذا العنوان أطلق، مرارًا، على أعمال درامية وسينمائية وأدبية، فهل جفت بذور الموهبة لدى صناع العمل الذين اختاروا هذا العنوان “المبتذل”، بدلًا من البحث عن عنوان جديد؟.

مسلسل روزنا، بدوره أثار جدلًا عندما أغفل في تيترات الحلقة الأولى اسم المطربة ميادة بسيليس التي غنت شارة المسلسل، وهو ما أغضب المطربة وأشعل سجالًا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وهذا المسلسل أيضًا يخوض في “أوحال” الأزمة السورية، لكنه يتجه إلى مدينة حلب حيث مسرح أحداث المسلسل الذي أثار الانتباه بسبب ذلك الإغفال، لا بسبب حكايته الفريدة أوإخراجه الاستثنائي، والذي تولاه عارف الطويل.

تراجع “هيبة” تيم حسن
ورغم أن مسلسل “الهيبة” للمخرج سامر البرقاوي حقق السنة الماضية نجاحًا مقبولًا، لكنه في الجزء الثاني “الهيبة ـ العودة”، الذي يعرض خلال هذا الموسم، بدأ يتراجع، ذلك أن سيناريو العمل لا يعد تكملة للجزء الأول، كما يفترض، بل يُعيد الأحداث إلى ما قبل النسخة الأولى من “الهيبة”، وهو ما أفقد العمل التشويق والإثارة، وليس من المتوقع أن تفلح نجومية وكاريزما البطل تيم حسن في إنقاذ هيبة هذا العمل الذي يشارك فيه ممثلون لبنانيون.

ويمكن أن تساق أمثلة كثيرة حول خفوت بريق الدراما السورية، وهو ما يلاحظه، بسهولة، المتابعون من خلال الأعمال السورية القليلة التي تعرضها الشاشات العربية المعروفة التي كانت، قبل سنوات، تسارع إلى حجز مساحات واسعة لتلك الدراما.

ورغم هذه الملاحظات لا يمكن إغفال الأداء المميز الذي يقدمه الممثلون السوريون ليس فقط في الدراما السورية، وإنما كذلك في الدراما المصرية والخليجية، غير أن النقاد يرون أن هؤلاء الممثلين يحتاجون إلى نصوص وسيناريوهات مبتكرة وجديدة، ترقى إلى مستوى نجوميتهم التي تضيع بفعل جشع شركات الإنتاج التي تبحث عن الربح فحسب، ولا تكترث، بأي حال، للفن والجمال والإبداع.

المصدر : إرم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى