منوعات

في مئويته الثانية.. ماذا تبقى من إرث كارل ماركس وكيف أثر على العرب والإسلام؟

تحل اليوم، الخامس من شهر مايو، الذكرى المئوية الثانية لميلاد الأب الروحي للعديد من النظم الاشتراكية حول العالم، الفيلسوف الألماني كارل ماركس، وسط تساؤلات حول ما تبقى من أثر الرجل الذي كانت كتاباته سببًا في اندلاع ثورات وتغيير نظم ونشوب حروب، لا تزال ملامحها بادية.

عبقرية متجددة

و يرى حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن كارل ماركس يعد أحد أهم الفلاسفة في التاريخ الإنساني كله، مشيرًا إلى أن أطروحاته لا تزال قوية وفاعلة وتسمح بتفسير كثير من المواقف السياسية والاقتصادية الراهنة.

وقال نافعة: “على الرغم من أن بعض التحليلات الماركسية تجاوزتها الأحداث بسبب التطور العلمي والتكنولوجي، إلا أنه لا يوجد نقد للنظام الرأسمالي ما يزال صحيحًا مثل فلسفة ماركس”، موضحًا أن “الفلسفة الماركسية تمثل عبقرية متجددة تتأكد يومًا بعد يوم، بدليل أننا إلى الآن لازلنا نتحدث عنها وعن تأثيراتها”.

وتابع الأكاديمي المصري، في تصريحات لـ”إرم نيوز” عبر الهاتف من القاهرة: “تراث ماركس لا يزال حيًا وملهمًا لكثير من المدارس الفكرية، بغض النظر عن كون العالم يمضي في الاتجاه الذي توقعه ماركس أم لا”، مشيرًا إلى أن الفيلسوف الألماني يعد “أب كل التجارب الاشتراكية منذ الثورة البلشفية في روسيا (1917) وحتى الآن”.

وأشار نافعة في تصريحاته إلى أن الفكر الماركسي يحتاج اليوم إلى “تجديد، يواكب التطور الحاصل على المستوى العالمي اقتصاديًا وتكنولوجيًا، إلا أن هذا لا ينفي ثراءه وإلهامه للملايين من البشر”.

تأثر رأسمالي

من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، سعيد صادق، إن آثار فكر كارل ماركس تعدت الدول الشيوعية، التي تبنت فكره، مثل: الصين وكوبا وفيتنام وكوريا الشمالية، إلى الدول الرأسمالية ذاتها.

وبين صادق هذا التأثر بالقول: “حقوق العمال والرواتب والتأمين الصحي والمعاشات وغيرها، كل هذه الأشياء هي تجليات لتأثير ماركس في الدول الرأسمالية؛ حيث اعتمدتها الأخيرة اتقاء للثورات العمالية التي توقعها الفيلسوف الألماني”.

وأوضح استاذ علم الاجتماع السياسي، في تصريح عبر الهاتف لـ”إرم نيوز”، أنه “على الرغم من انحسار موجة المد للفكر الاشتراكي الماركسي، إلا أن الأفكار لا تزال موجودة، كما أن تفسيره للأحداث السياسية من جانبها المادي الاقتصادي لا يزال صالحًا ومقنعًا، بالنظر لأغلب الصراعات القائمة حول العالم”.

العرب وماركس

وعرج سعيد صادق على تأثير فكر كارل ماركس على العالم العربي، بالقول: “إن العرب أيضًا تأثروا بالفكر الماركسي، بغض النظر عن أن بذور هذا الفكر زرعت في الأراضي العربية بأيد أجنبية، كمؤسسي الحزب الشيوعي المصري وغيره”.

وأضاف: “التجربة الناصرية قبل نكسة 1967 كانت محسوبة على الاتجاه الماركسي، ونجح الماركسيون العرب في إقامة دولة في الجنوب اليمني”.

لكن صادق عاد للتأكيد على أن “الأحزاب الشيوعية في العالم العربي ضعفت بشكل كبير جدًا، وصار تأثيرها شبه منعدم، ولا أعتقد أنه سيعاد إحياء تلك التنظيمات، وما تبقى من تأثير هو الجانب النظري التحليلي”.

ولفت إلى أن “ضعف التيار اليساري بعد النكسة تسبب بشكل أو بآخر في صعود حركات الإسلام السياسي، التي، للمفارقة، تأثر بعضها بالفكر الماركسي، وشهدنا بروز ما سمي باليسار الإسلامي بل ومحاولة تفسير الإسلام تفسيرًا ماديًا باتباع التحليلات الماركسية”.

ورأى الدكتور سعيد صادق أن أبرز ما تبقى من تأثير للفكر الماركسي في العالم العربي هو ما شهدناه في تونس من تأثير النقابات العمالية في أحداث ما عرف بـ”ثورة الياسمين”، وكذلك في التشريعات الرامية للسماح للمسلمات بالزواج من غير المسلمين، ومساواة الجنسين في الميراث.

بروفايل

وولد كارل ماركس في 5 مايو/ أيار عام 1818 بشرق ألمانيا لعائلة يهودية، وقد درس القانون والفلسفة، وتأثر أثناء دراسته بجامعة بون بأفكار الفيلسوف الألماني جورج هيغل؛ ليتحول بعد ذلك للفكر الاشتراكي.

حصل ماركس على درجة الدكتوراة في الفلسفة عام 1840، وعمل لفترة قصيرة بالصحافة، وقد أغلقت الصحيفة التي كان يعمل بها عام 1843، مما اضطره للانتقال إلى باريس.

تولى في العام 1847 رئاسة الرابطة الشيوعية في بروكسل، ونشر في عام 1848 البيان الشيوعي مع فريدريك إنغلز بتكليف من المؤتمر الثاني للرابطة الشيوعية الذي عقد بالعاصمة البريطانية لندن، ومن أبرز الشعارات المأخوذة من البيان “يا عمال العالم اتحدوا”.

نفي في العام 1849 إلى لندن، حيث عاش بقية حياته، ونشر المجلد الأول من كتاب “رأس المال”، ليتوفى في 14 مارس/ آذار عام 1883، ويدفن بمقابر منطقة “هاي غيت” في العاصمة البريطانية.

المصدر : إرم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى