«رحمة»… مسلسل مصري جديد أبطاله من الصم والبكم
يتسبب المهندس أحمد من دون قصد، في وفاة زميله حسام، فيصاب بصدمة عصبية تفقده النطق… كانت هذه هي قصة فيلم «الأخرس» إنتاج 1980 الذي لعب بطولته الفنان محمود ياسين، ومن خلاله كشف الفيلم كيف يتعامل المجتمع بنظرة دونية مع هذه الفئة، حيث إن تعرض أحمد للأزمة التي أفقدته القدرة على النطق كان كافيا للتغير الشديد في تعامل المجتمع معه. وعلى الرّغم من رسالة (المظلومية) التي تعيشها هذه الفئة التي حاول الفيلم توصيلها قبل نحو 38 سنة، فإنّ الوضع لم يتغير كثيراّ، ولا يزال «الصم والبكم» يعانون من الانعزالية عن المجتمع، وهي المشكلة التي يحاول أول مسلسل أبطاله من الصم والبكم تجاوزها بمفهوم مختلف عن الفيلم وغيره من الأعمال الدرامية.
المسلسل يحمل اسم (رحمة) وسيُصوّر خلال أيام، لينتهي خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، ويهدف كما تقول نادية عبد الله، رئيس الجمعية المصرية لحقوق الصم وضعاف السمع لـ«الشرق الأوسط»، إلى تجاوز فكرة الحديث عن مشكلات الصم والبكم، إلى تقديمهم من خلال هذا المسلسل أشخاصا عاديين يمكنهم أن يمارسوا أي مهنة، بما فيها التمثيل، وهو ما يساهم في تحقيق رسالة الجمعية لدمج هذه الفئة في المجتمع. وتنتج شركة حورس للإنتاج الفني هذا المسلسل بالتعاون مع الجمعية المصرية لحقوق الصم وضعاف السمع، التي خرجت منها فكرة المسلسل قبل عام، عن طريق عضوة الجمعية الإعلامية ياسمين فودة.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» تقول فودة: «قبل نحو عام تعرفت على المخرج أحمد إسماعيل وعرضت عليه فكرة عمل مسلسل يكون أبطاله من فريق التمثيل في الجمعية الذي كانت له تجارب تمثيلية قصيرة عبر بعض المسرحيات وفي فيلم قصير بعنوان (نور) سيعرض في أسبوع الأصم العربي في شهر أبريل (نيسان) الحالي، وبعد فترة من التفكير اقتنع، وبدأنا الإعداد لها قبل أشهر. وقد انتهينا من البروفات، وسنبدأ التصوير خلال أيام». وتضيف: «قصة مسلسل رحمة من تأليف المخرج أحمد إسماعيل، وكان قد أعدها ليقوم بتمثيلها ممثلون محترفون، ولذلك فإنّ أحداثها ليست لها علاقة بمشكلات الصم والبكم، كما يمكن أن يتخيل كل من يسمع أن هناك مسلسلا سيكون أبطاله من الصم والبكم».
تدور أحداث المسلسل حول مقارنة بين أسرتين، أحدهما ملتزمة ومحترمة هدفها تعليم أبنائها، والأخرى هدفها جمع المال واكتساب وضع اجتماعي باستخدامه، وتكون رحمة هي الحلقة المشتركة بين الأسرتين.
وتواصل فودة التي كتبت السيناريو والحوار، حديثها لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «قصة المسلسل اجتماعية موجهة لكل أفراد الأسرة، وعندما يكون الأبطال من الصم والبكم مع استخدام دبلجة باللغة العربية، فهذا يجعل المنتمين لهذه الفئة يشاركون أسرهم الاستمتاع بالمشاهدة، ويحقق ذلك أيضا الانتشار للغة الصم والبكم، عن طريق ربط المشاهد العادي بين الدبلجة وإشارات الممثلين، بما يساعد على التقاط معاني بعض الإشارات التي تمكّن المجتمع من التعامل بشكل أكثر يسرا مع فئة الصم والبكم». وبينما لا يمارس المنتمون لهذه الفئة كثيرا من المهن، سيجدهم المشاهد في هذا المسلسل في مهن الطبيب، والمهندس، والإعلامي، والمحامي، والسائق، وهو ما يحقّق الهدف في خلق ثقافة استيعاب هذه الفئة في كثير من المهن، كما تؤكد كاتبة السيناريو والحوار.
وعن تجربة التعامل مع ممثلين من الصم والبكم يقول المخرج أحمد إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «هي تجربة مختلفة، حيث تتبدل طريقة التواصل مع الممثلين من السمع والنطق في الأحوال العادية، لتصبح الأصابع هي التي تتكلم والعيون هي التي تسمع مع الصم والبكم».
ويأمل إسماعيل في أن يكون هذا العمل الذي سيعرض على عدد من المحطات التلفزيونية بعد شهر رمضان، باكورة لمزيد من الأعمال التي يكون أبطالها من الصم والبكم، مضيفا: «هي تجربة صعبة، لكن مع مزيد من التدريب والاستغناء شيئا فشيئا عن المترجم الوسيط أصبحت ممتعة».
المصدر : الشرق الأوسط